مشكلة البطالة في العراق لا تكمن خطورتها في مطالبة الشباب بحقهم في العمل, والعيش الكريم, بل تذهب بعيدا الى حالة الانتقام من الدولة, ونظامها, ومؤسساتها, وتخريب مايقع في ايديهم, يقابل ذلك لامبالاة المسؤولين, وعجزهم عن تقديم الحلول, والتفاخر بمواقعهم, وامتيازاتهم, ممايزيد في حنق العامة وسخطهم.
اورث النظام الصدامي ظاهرتين زاد في تفاقهما غياب المنهج الاصلاحي بعد سقوطه, وهما الفساد؛ الذي غطى ربوع الدولة واستشرى فيها طيلة اربعة عقود, والاخر هو اضمحلال الشعور بأن الدولة هي ملك الناس قبل ان تكون ملك الحاكم, فالقبضة الدكتاتورية على الدولة, وجعل كل شيء فيها ملك للحزب والثورة, جعل احد اوجه الاعتًراض على النظام الحاكم هو الاضرار بالمرافق العامة, وتوجيه رسالة اعتراض لهذا النظام الظالم.
اصبح مملا الحديث عن الفساد واوجهه الكثيرة, وتجربة الفشل للطبقة الحاكمة, والطريقة السلطانية واسلوب الهبات, الذي حكموا به البلاد حتى خوى بيت المال, وازداد الطلب على العطاء, وترسخ لدى الجميع بان الدولة عبارة عن فريسه ينهش منها الاكثر تنظيماً, والاشد قوة, والاقرب من مركز القرار, بعيدا ان روح العمل والعطاء والانتاج.
ثقافة الطبقات التي رسخت في المجتمع, من الطبيعي انها ستنتج طبقة العاطلين عن العمل, وهي الاكثر حركية وشبابا وقدرة على التغيير, والاقل تفهما لنداء التعقل والصبر, فكيف يعقل ان تروض هذه الطبقة وانت تعطي الطبقات الاخرى الامتيازات وتحميها بالتشريعات وتخلق لها الفوارق, من دون انتاج مستحق مادامت الميزاينية في جلها من واردات النفط, وما الذي يجعل هذه الطبقة ترتجي الفرج, وهي ترى المشرع مشغول بقانون للبرلمانين, واخر للاطباء, واخر للصحفيين والمهندسين والاعلاميين والسجناء وو.. في تمييز طبقي لانجد له مثيل الا في بلد يفتقد التخطيط وتغيب فيه الرؤية.
البطالة شر عظيم كامن في قلب المجتمع, ربما تساعد حرارة الجو في تفجره وظهوره, ومادام على العراقيين الصبر والتحمل والتقشف, فلابد ان يكون ذلك من اعلى الهرم, فلابد من كسر الامتيازات جميعا حتى يكون المسؤول بمثابة القدوة ثم بعد ذلك ايجاد خطة للنهوض في كافة المرافق, وامضائها بقوة والصبر عليها حتى تأتي ثمارها.
مظاهرات اهل الجنوب لا تعبر عن مؤامرة خارجية, ولا تعبر عن مخطط يرمي الى اسقاط النظام وتغييره, بل هي مطالب لايجاد فرص العمل, والخدمات, وهي نتيجة طبيعية لفشل حكومي قاده اشخاص ينتمون الى حزب واحد.
https://telegram.me/buratha