عزيز الأبراهيمي
من الامور الصادمة لنا نحن العراقيين بالذات, ما جرى في اليابان قبل شهر حيث اختار رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي احد الاشخاص وهو المدعو يوشيتاكا ساكورادا (68 عاما), ليكون وزيرا للامن الالكتروني, الذي تقع عليه مسؤولية الإشراف على الاستعدادات الخاصة بالأمن الإلكتروني لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي تنظمها طوكيو في 2020.
الامر الصادم, ان هذا الوزير لم يتسخدم الكمبيوتر في حياته!, وهو لا يعرف كيف يعمل الكمبيوتر حتى, وهذا الامر وفق اعتراف له امام البرلمان الياباني قبل ايام.
لايجرؤ احد على القول ان اليابان بلد تتفشى فيه المحسوبية, وتكثر فيه محاباة الاقارب من قبل الساسة الكبار, فهم تجربة رائدة في مجال الادارة والحكم الرشيد, فضلا عن تقدمهم التكنلوجي الذي لايكاد يجد له منافس, وليس لأحد القول انهم لايحترمون التخصص, فانجازاتهم التي ابهرت العالم تشهد لهم بكل جميل.
اليابان تدرك جيدا ان مهام الوزير غير مرتبطة بالاطلاع التفصيلي على مهام الوزارة الدقيقة, بل يكفي فيها تمتع الوزير بحنكة ادارية ومعرفة بسياسات الوزارة العامة, التي ينبغي ان يرسمها المختصين, وايضا قدرته على متابعة مراحل تحقيقها وايجاد فريق عمل ناجح وجو يهيئ سبل النجاح, وهم قبل ذلك يدركون ان منصب الوزير هو منصب سياسي ينبغي من حيث المبدأ ان يستلمه سياسي, لتقع مسؤولية فشلة ونجاحة على عاتق من اختاره, حتى يستطيع الشعب ان يقيم مدى كفاءة الوزير والجهة السياسية التي انبثق منها, لكي لا تعاد على الامة تجارب الفشل مرة اخرى.
التكنوقراط من اكبر المفاهيم التي غيب وعينا من خلالها, فمن جهة تركتنا عرضة لنزوات الطامحين في اعلى المناصب من المستقلين, الذين لا شغل لهم بالشأن العام, ولم يتعبوا انفسهم في تحمل الكثير من المسؤوليات الاجتماعية, التي ينبغي ان تناط بالعامل في حقل السياسة, ومن جهة اخرى لايستطيع الشعب معاقبة هؤلاء بوسائلة المتاحة في العمليات الانتخابية, فهم كشريحة ينطبق عليها المثل العراقي القائل (داخل ربح سالم خسارة).
واقع السنين الماضية اثبت بما لايقبل الشك لكل مطلع, ان الوزراء الذي اتسموا بصفتي التكنوقراط, والاستقلال السياسي, بمجرد ان استلموا مناصبهم الوزارية, بانت على ايديهم بوادر فشل اداء الوزارات التي تسنموها, وفقدوا استقلالهم حيث اصبحوا خاضعين برخص للكتل التي اختارتهم لتلك المناصب.
لذلك لابد لنا كشعب ان نركب في السفن التي ركبتها الدول المتقدمة سياسيا بالاقرار ان منصب الوزير, هو منصب سياسي يجب ان يذهب للكتل والاحزاب الفائزة, حتى يتسنى للشعب محاسبتها عن الاخفاقات ومكافئتها على النجاحات.
https://telegram.me/buratha