المقالات

الشيطان وديمقراطية الإعلام العراقي

1464 2018-12-14

علي عبد سلمان

 

تَعوَّدَ العراق, كبلد انتج مفهوما للحضارات, وأكتنز على فكر سياسي قديم, شرح فيه مفاهيم الحكم والدولة وسن القوانين؛ على التعامل مع نموذج للحكم الفردي (الملكي العادل, أو الطغياني المستبد)؛ إلا أن تجربة الديمقراطية بشكلها الجديد والموجودة حاليا, لم يكن له فيها دور كبير, كبلد شرقي قديم في عاداته وتقاليد السياسية, النابعة من أعرافه الاجتماعية.

دخول التجربة الديمقراطية إلى العراق, بشكل مفاجئ, ومحاولة المصدرين لها, تطبيقها بكل حيثياتها, مع عدم الأخذ بنظر الاعتبار لتراتبية التكوين العمري لها, مع عدم الاهتمام بعمر الوعي السياسي للشعب العراقي, ومقدار ما حاز عليه من تنشئة سياسية؛ أوقع هذه التجربة بمطبات كبيرة, قادت إلى فشل كبير في تطبيقها.

طبيعة الشعب العراقي اجتماعية وبامتياز, تؤمن وبشدة بعملية التواصل الاجتماعي بين أفراده وجماعاته, بل يكاد يكون مفهوم التواصل الاجتماعي عند أبنائه ومكوناته, من أهم عناصر الحياة والوجود, والأكثر, أن عملية التواصل الاجتماعي أصبحت في هذا البلد كآلية لتقييم المواقف, وتناقل المعلومات, وتحليلها وتصنيفها وتبويبها, ومعرفة الأشخاص, وتقييمهم, ومعرفة التأريخ وأحداثه, ونقل الحكم والقصص والطرائف, وإجراء الصفقات, وشراء الولاءات, وبيع الوظائف والمهن التي تحتاج إلى تخصصات! بل وتجاوز ذلك كله, إذ أصبح التواصل الاجتماعي لدى هذا الشعب, يعد الرقم الأول في التواصل (الإعلامي السياسي).

إذا جمعنا بين طرفي المعادلة: وجود الممارسة الديمقراطية (المؤمنة بحرية الإعلام, وفتح الباب للإعلام على مصراعيه), مع وجود أدوات قوية جدا ومتخصصة ومحترفة, في التواصل الاجتماعي ألمعلوماتي, لوجدنا انبثاق ظاهرة غريبة, عملت على تقويض مفهوم الديمقراطية السياسية من الداخل, وهي الحرية الإعلامية المفرطة, والتي تقاد في الأغلب من قبل قوى رأسمالية سياسية, سواء أكانت تابعة لقوى داخل البلد, أو قوى من خارج البلد, عمدت هذه الأدوات على توظيف جو الحرية العام والمفتوح لها, وقامت بطرح مشاريع أشخاص وكيانات, وتخريب مشاريع أشخاص وكيانات, في محاولة لغسل عقول الجمهور, وحرف تأييده من هذه الجهة لتلك.

بات الإعلام الديمقراطي العراقي ومع الأسف, أداة من أدوات تخريب الديمقراطية من الداخل, فعدم انتشار المعلومات الصحيحة, وكثرة الكذب والتضليل, قاد البلد إلى الكثير من الأخطاء والمشاكل, ساعد على ذلك كله, طبيعة المجتمع العراقي التواصلية, التي مكنت الاعلام السياسي (الذي يتحرك من خلال أجندات وعوامل دعم داخلية وخارجية) , من توظيف أدوات التواصل الاجتماعية هذه, وشراء ذمم المتمكنين فيها, والنجاح بتحريك خيارات الناس وولائاتهم, في عملية في ظاهرها هي ديمقراطية, ولكنها في حقيقتها تعتمد على استبدادا وتسلط نخب رأسمالية وسياسية معينة.

هل ينفع نظام الحكم الديمقراطي في حكم العراق؟ سؤال طرحه وبحث فيه الكثير من المختصون, وتباينت واختلفت الأجوبة فيه, إلا أن ما أعلمه علم اليقين, هو أن الديمقراطية بدأت تأكل ذاتها بذاتها في هذا البلد، ومن خلال أدواتها التي تؤمن بها, وباتت عوامل انهيارها وتشظيها متحققة بشكل كبير..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك