عبد الكاظم حسن الجابري
لا شك إن العراق ما بعد 2003 شهد انفتاحا كبيرا على كافة المستويات، وخصوصا في ما يخص حرية التعبير، وأكاد أجزم أن العراق البلد الوحيد الذي ليس فيه سجين رأي.
يمارس العراقيون حياتهم دون ضغوط، ودون املاءات، وليسوا مجبرين على الهتاف للزعيم الأوحد كما شهدت الحقبة السابقة.
كما إن الدستور العراقي، وهو العقد الوطني الأسمى في البلد، قد كفل حرية التعبير، ورسم شكل الاطر التي من خلالها يمارس العراقي نشاطه السياسي أو الديني أو العلمي أو الثقافي او الاجتماعي، وكان الدستور صارما في بنود الحفاظ على الحريات وصيانتها وحمايتها.
كفلت هذه الديموقراطية حرية التنافس السياسي، القائم على اساس الخدمة وبرامج التنمية، ومن حق أي جهة سياسية أن تطرح رؤيتها ومتبنياتها، وأن تدعو لها بالطرق الدستورية دون ترهيب أو تخويف، وهذه الدعوة هي جوهر وروح الديموقراطية.
للأسف أن ما نشاهده حاليا من تنافس سياسي في بلدنا تحول إلى سيل من الاتهامات والتهاترات، واصبح التسقيط السياسي سمة لهذا التنافس، واصبحت الاحزاب تتنافس فيما بينها لا على اساس برامج الخدمة والتنمية، أنما على اساس تسقيط المنافسين، ومحاولة تلقف عثراتهم او كبواتهم لجعلها وسيلة لتسقيطهم امام الجمهور.
المشكلة أن هذا التسقيط تحول ألى خصومة بين افراد المجتمع، واصبح الاتباع أكثر تصادما فيما بينهم من القادة، ووصلت الخصومات إلى حد القطيعة بين المواطنين، ويبدو إن نظرية إن لم تكن معي فأنت ضدي صارت هي العقيدة التي يتبعها المتنافسون السياسيون في نهجهم السياسي.
الحقيقة نحن نحتاج وقفة جدية من كل المعنيين لأنهاء هذه الظاهرة ألمعيبة -التسقيط- والتي شوهت كثيرا ديموقراطيتنا الحديثة، وايضا على المشرع العراقي أن يسعى لإصدار تشريعات تهدف للحد من ظاهرة التسقيط والاستهداف الشخصي، وعلى المتنافسين أن يسعوا لجعل تنافسهم تنافس خدمة مبني على اساس البرامج لا على اساس مثالب احدهم الآخر.
https://telegram.me/buratha