عزيز الأبراهيمي
زبيبة تلك الام الحبشية السوداء التي ولدت عنترة فارس عبس وشاعرها وصانع انتصاراتها وامجادها, كما انها التي الحقت به ذلك الظلم الاجتماعي والازدراء لما اورثته من سمرة البشرة فكان قومه ينسبونه الى امه في اوقات السلم ازدراءاً له وردما لنقص ما لديهم من خصال اذا ما قورنوا به, الا انهم يهرعون اليه اذا اصابتهم معرة وهجمت عليه الاخطار, يكيلون له المدائح ويتغنون باوصافه, وقد عبر عن ذلك في شعره الخالد بقولة :
يُنادُونني في السِّلم يا بْنَ زَبيبة ٍ.....وعندَ صدامِ الخيلِ يا ابنَ الأطايبِ
هذه الحقيقة الاجتماعية تتجلى عبر الاجيال فالابطال سرعان ما يتنكر لهم في اوقات السلم فينسى دورهم بل يصار الى البحث عن ما يشكل مثلبة وانتقاص لهم, بعكس ايام الشدة فالكل يبالغ في مدح الابطال والمضحين, وفي وضعنا الراهن يعد الحشد الشعبي من اجلى المصاديق لذلك فالكل كان يمجده وينعته بارفع الاوصاف ايام كانت داعش على ابواب المدن المكتظة بالسكان, ومن المبالغات التي استخدمها الكثير هو وصفه بالمقدس ذلك الوصف الذي تجنبته المرجعية حتى في اوج المعارك واستبدلته بالمبارك لاسباب لا تخفى على اولي البصائر.
ما يتعرض اليه الحشد الشعبي من هجمة ومحاولة تشويه لا ينم الا عن قصور في ادراك المصالح العامة فوضعنا الحالي لاينبئنا اننا اصبحنا في بحبوحة من السلم حتى يعامل الحشد كما كان يعامل عنترة بن شداد فداعش لا زالت في الجحور تنتظر الفرصة لتعود من جديد وكذلك البيئة الاجتماعية التي كانت حاضنة لها لازالت لم تتعافى من مرض التأقلم مع القوي وان كان داعشيا بل ان الحراك الاجتماعي يدل على انهم لازالوا يخافون نقد داعش في العلن, وربما يستجيبون لضغوطاتها.
العاقل لا يتبنى عدم الشك في كل تصرفات الحشد الشعبي فهي مؤسسة وان ولدت من رحم الحاجة الوجودية لهذا البلد الا انها مكونة من افراد هذا الوطن الذين يحملون اخلاقه وسماته فيمكن ان تلحقها ما يلحق المؤسسات الاخرى من خروقات وسوء ادارة, الا ان ما نجده من هجمات اعلامية على الحشد الشعبي المبارك يؤكد ان هذه التصرفات البلهاء تريد ان توجد شرخا بين المجتمع والحشد الشعبي, فمدعي الرقابة والنقد عليهم اولاً ان يتثبتوا مما يتفوهوا به وثانيا ان يباشروا بالمهم من الملفات فهناك مؤسسات اشتهرت بملفات خطيرة وفساد مؤكد كما ان فائدتها على كيان الدولة ربما يكون معدوما.
الحشد الشعبي المبارك من اكثر مؤسسات الدولة نفعا في الامد المنظور وقد تجلى ذلك في معارك داعش وتحرير الارض من قبضته وتتأكد هذه المنفعة بحالة الطمأنينة التي يوجدها هذا الكيان المبارك لعامة الشعب, ولا ينكر ذلك سوى المكابر فمع الاعتزاز بالجيش والقوى الامنية ولكن في ضمير كل واحد من ابناء هذا الشعب شعور بان قوة الجيش والشرطة مستمدة من وجود الحشد الشعبي خصوصا في هذا الوضع السياسي المرتبك والذي لا يطمأن من عودة القوى الكبرى لخلق اساليب وسينوريوهات جديدة لها نتائج كارثية على المجتمع والدولة العراقية.
وحدة العراق ودفع شبح التقسيم عنه وحفظ نظامه السياسي واستقراره وحماية ارضه وصيانتها والطمأنية الشعبية التي تدفع الناس الى العمل والاستثمار والحركة كل ذلك مرهون بقوة وبقاء الحشد الشعبي الى ان تنضج مؤسسات الدولة وتبتعد الاخطار المحدقة به.
https://telegram.me/buratha