المقالات

الأنشقاقات السياسية: ظاهرة صحية أم داء وبيل؟!..

3058 2019-02-16

علي عبد سلمان

 

يؤكد المحللون السياسيون أن ظاهرة الأنشقاقات السياسية والحزبية  ليست مقتصرة على العراق فحسب، بل هي سمة العمل الحزبي والسياسي في كل بلدان العالم، لكنها في العراق  أخذت منحى آخر، لدرجة أن بعض التشكيلات السياسية بدأت بها إنشقاقات قبل ميلادها! بمعنى أن الأحزاب تحمل معها بذرة الأنشقاق لحظة تشكلها. وهكذا فإن هذه الظاهرة أستشرت وتحولت الى معلم من معالم الحياة السياسية العراقية ، متخذة عناوين غير الأنشقاق.

من بين أفضل العناوين التي يختارها المنشقون تعبير الأصلاح السياسي، وهو التعبير الذي أتخذه السيد ابراهيم الجعفري عند أنشقاقه من حزب الدعوة الأسلامية، أو ما سماه طارق الهاشمي لحركته التي خرج بها عن الحزب الأسلامي العراقي الذي كان أمينه العام ثم أزيح عن هذا المنصب فشكل ما أسماه بحركة تجديد، وهكذا تحولت هذه الظاهرة الى قاعدة لا استثناء، ولم ينج منها حتى أصحاب “ الكاريزما”، لتغرق الأحزاب في مشاكلها الداخلية بدلا من تنمية برامجها والتموقع أكثر بالخارطة السياسية بما يخدم المواطن.

بالحقيقة فإن هذه الظاهرة ليست إلا أداة لتكسير الأحزاب وتقزيمها والبعض الآخر حرب مواقع تبدأ مع الاستحقاقات. وهي دليل على صراع كراسي لا صراع أفكار.

في ابسط التوصيفات هي شق عصا الطاعة عن القيادة بالأحزاب السياسية. فهي تعكس حرب المواقع والرغبة في الحصول على المناصب ولا علاقة لها بالصراع الإيديولوجي أو اختلاف وجهات النظر، وهي ليست حالة صحية تستوجبها الحياة الديمقراطية، كما يحاول البعض إيهام الرأي العام، والدليل أن المنشقين لا يملكون برامج تخالف قيادات أحزابهم. وفي أغلب الأحيان نجد أن الطرح السياسي غائب عند من ينشقون تحت عناوين الأصلاح أو التقويم أو التجديد.

بعض الحركات المنشقة عن الأحزاب الأم لا وجود لها إلا على الأنترنيت..!

أن الانشقاق داخل الحزب السياسي يعود لعاملين أساسيين، إما لتمسك رئيس الحزب بمنصبه ليصبح هو المؤسسات الحزبية وهو الآمر والناهي، وفي حال ثار الجيل السياسي الجديد يتهمه بالانحراف، ويكمن السبب الثاني في غياب أدوات قانونية وتشريعية تعنى بالتثقيف والتوجيه للحفاظ على عدم الخروج عن الخط العام للحزب. ومن المفيد الأعتراف بأن النزاعات الداخلية بين أعضاء أي حزب  ظاهرة طبيعية وموجودة في أغلب التشكلات السياسية، لكن وجودها يتعين أن يكون في الحدود الطبيعية للتنافس، لا أن تتطور الى خروج الكوادر ورحيل بعض القيادات الى أحزاب أخرى ، مع أن هناك من الآراء من يرى في  

رحيل بعض الإطارات إلى أحزاب أخرى ظاهرة صحية وتنم عن الأجواء الديمقراطية داخل الحزب الأم، لكنها على كل حال مؤشرا واضحا ومقياس عملي على فقدان المناعة الداخلية للحزب السياسي..في حين يذهب آخرين الى أن المحيط السياسي في العراق مازالت تسيره مازالت تسيره ثقافة الإدارة والكثير من السياسيين يريدون تحويل أحزابهم إلى وسائل للتمكين لأنفسهم.

انتشرت بشكل كبير مع غياب الانضباط الحزبي الذي يلزم بالامتثال للقرارات المنبثقة عن المؤسسات لا الأشخاص، مع العرض أن السمة الأبرز في العمل السياسي العراقي  أن الأحزاب السياسية لا تناضل من أجل التداول على السلطة، بل لتحسين رصيدها الانتخابي لأن آفاق المستقبل مسدودة..وفي أغلب الأحيان فإن ضعف المناعة الداخلية للحزب تشجع على اختراقه خارجيا من أجل تحطيمه. ومشهد العمل الحزبي أمام القيادات التي تعاني أحزابها من الأنشقاقات معقد بعض الشيء.

على القيادات أن تعمل بمثابرة على  ثلاث جبهات : جبهة التحضير للاستحقاقات المقبلة والتموقع أكثر بالساحة السياسية من جهة ومواجهة الأنشقاقيين وأدعياء الأصلاح الداخلي بروح منفتحة من جهة وخصومه من جهة أخرى.

وعلى أية حال فمثلما قلنا في المقدمة فإن الأنشقاقت السياسية ظاهرة عالمية وليست حكرا على بلد بعينه، خاصة في الأحزاب العتيدة، التي تخرج من رحمها تنظيمات سياسية جديدة، لكن في العراق أخذت منحى آخر، خاصة للتشكيلات السياسية الصغيرة التي تبحث عن مواقع نفوذ، لتنشغل بمشاكلها الداخلية وتنصرف عن تنمية برامجها والبحث عن حلول لانشغالات المواطن لرفع رصيدها في بورصة الانتخابات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك