عزيز الإبراهيمي
عندما تتمكن الفضائل من الانسان, فان لها اثارا تضعط على حياته لتحول السكون الى الحركة, والتأقلم الى رفض للواقع الذي لاينسجم معها, وتزود صاحبها بالطاقة, وتجعل من الاهداف واضحة شاخصة امام عينه, فينهض بكل وجوده من اجل تحقيقها, ليتحول الى مشعلاً وسط الظلام, يوقظ الغافلين ويهدي الحائرين فيكون قائدا لمسيرتهم ومعبرا عن مآسيهم.
كان له ان يعيش سيدا مهابا بما توفر له من حسب رفيع وقدرة عقلية كبيرة تمكنه من شق طريق العلم ونيل اعلى مراتبه, ووسامة تؤسر الناظرين وبلاغة وفصاحة يذعن لها السامعين, فقد توفر للشهيد الحكيم ادوارا له ان يمارسها غاديا في طلب العلم وتعليمه ويروح في وعظ الناس وتذكيرهم بالاخرة, وكأين من امثاله ممن ساروا على هذا الدرب فعاشوا وماتوا محمودين, ولكن انى لهذه الروح العلوية ان تقنع بهذه الادوار رغم حسنها ومطلوبيتها, فشجاعته الكبيرة تهون في نظره قهر السلطات الغاشمة, وضآلة ماتجمعه من قوة لقهر الشعب والسيطرة على ارادته, ووعيه العميق بمشاكل الناس وعيشه لآلامهم تؤرقه وتدفعه ليكون لسان حالهم والمعبر عن امالهم المكبوته.
طريق ذات الشوكة هو الطريق المتوقع من هذه الروح العلوية الوثابة, وتلك الفضائل المحمدية التي اكتسبها بالمجاهدة والمثابرة وطلب علوم ال محمد, فكانت حياته منذ بواكيرها الاولى مسخرة في خدمة المجتمع, ورفع الحيف عنه والمطالبة بحقوقه, من عدل وحرية واعتراف بما يحملوه من عقائد وقيم وخصوصية, ولم يكن ذلك محط الرضا من السلطات التي جاءت بالقهر والغلبة, فكان خصمهم الاول قبل اجباره على الهجرة وبعدها, فكان تلك الغصة التي وقفت في حلقوم الظالمين الى ان اسقطهم صرعى, وكان ذلك الامل الذي يهون على المغلوبين انتظارهم.
جمعت الكثير من خصال النجاح للسيد الحكيم كمعارض كبير وقائد سياسي محنك, يحتل الصدارة بين الرافضين لحكم البعث الطاغوتي ومحورا لعمل المعارضة, ولو اردنا ان نمسك بالخيط الذي يجمع كل ذلك التوفيق الذي رافق حركة السيد الحكيم في ثورته على الطاغوت, لابد عندها ان نسترشد بأهم مايحمله الرجل من قيم, لنستكشف ان عنصر الايمان منبع فضائله الشخصية والمرشد في حركته الثورية, وهذا الامر ليس سرا لادنى مؤمنا بتعاليم الاسلام الحنيف حيث قال سبحانه في محكم كتابه العزيز (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ).
فكان ايمانه العميق بالاسلام المحمدي والمنهج العلوي, دليلا في حركته ومرشدا في افعاله حتى قاده الى حسن العاقبة, فكانت نهايته يغبطه عليه الجميع فمضى الى ربه, في يوم عظيم وفي شهر الله الاصب مصليا واعظا صائما متناثرا على قبة جده وقدوته, فسلام عليه يوم ولد, ويوم حمل اهات المظلومين ومعاناتهم, ويوم تبخر جسده الشريف في الهواء, ليستشقه المحبون عبيرا من الشهامة والبسالة والمجد.
https://telegram.me/buratha