المقالات

الفيلييون بإنتظار إحتفال السنة القادمة..!


طيب العراقي

 

في نيسان من كل سنة؛ نستذكر الجريمة الكبرى التي أرتكبها النظام البعثي المجرم، حينما سحق في مثل هذا التاريخ من عام 1980 المكون الفيلي، مع أنه مكون عراقي أصيل، إذ أصدر قرار سحب  الجنسية العراقية منهم جميعا، ليلقي الأطفال والنساء والعجزة، في حقول الألغام على الحدود العراقية الإيرانية، فيما فصل الرجال والشباب، لغاية عمر ثلاثة عشر عاما عن أسرهم، وغيبهم الى الأبد!

تضم معظم دول العالم، مكونات مجتمعية متعددة، متنوعة بأصولها أو ثقافتها أو ديانتها، ونادراً ما نجد في دولة ما؛ مجتمعاً أحادي الدين واللغة.

ثمة مكونات مستكينة، وأخرى تسعى إلى الإبقاء على الشعور المكوناتي، وعلى شخصيتها الذاتية، وأخرى أكثر نشاطا وحيوية.

الفيليون من المكونات العراقية الأصيلة، وهم نشطون سياسياً وأجتماعياوأقتصاديا؛ لذلك تغلبت لديهم المشاعر الوطنية؛ على الشعور المكوناتي، وهم غالبا ما أبدوا استعداد عال؛ للاندماج الاجتماعي- السياسي مع باقي المكونات العراقية، لكن هذا جوبه بجحود مجتمعي كبير، وبظلم من السلطات الحاكمة طيلة قرن من الزمان مضى.

في العراق؛ ومع انهيار الدولة العثمانية، والتدخل المتواصل للقوى الإستعمارية، ونشأة الدول العراقية الحديثة، التي لم تكن تعرف الديمقراطية، واستمرت تدار بلا دساتير محترمة لقرن كامل، كانت النتيجة تدهور الأوضاع الإقتصادية، وتراجع مؤشرات التنمية البشرية، للعراقيين عموما، لكن الفيليين الأذكياء النشطين الفاعلين، أمسكوا بمفاصل تجارة الجملة بأيديهم (الشورجة).. بالمناسبة الشورجة كلمة فيلية سنتحدث عنها في قابل الأيام.

كان ذلك أحد أسباب تدهور علاقتهم مع السلطات، وتفاقم مشكلاتهم مع أجهزة الدولة، بسبب غياب الديمقراطية وأستهتار السلطات بحقوق الإنسان.

ومع أن ظلم السلطات كان شاملا، الأمر الذي أدى الى توتر في العلاقات، بين الدولة الشمولية الظالمة والمكونات المجتمعية، إلا أن نصيب الفيليين كان هو الأكبر، نظرا لموقع الفيليين في المكانة الأقتصادية العراقية، ولأنفتاحهم وتأثيرهم في باقي المكونات العراقية، ولأنتمائهم لمذهب أهل البيت عليهم السلام، وهو مذهب ترى فيه السلطات العنصرية الطائفية الحاكمة عدوا لها.

الحديث عن الحقوق؛ طيلة حكم البعث والأنظمة التي سبقته، كان من المحظورات السياسية والثقافية، وأنتشرت شعارات الأمة العربية الواحدة، التي ترى جميع العراقيين؛ يجب أن يكونوا بعثيين وإن لم ينتموا، كواحدة من أشهر المبرّرات المستخدمة، لاستمرار الممارسات القمعية فيها، وهي مصادرة واضحة ومباشرة للحقوق القومية للآخرين.

السلطات الحاكمة رأت أن عوامل إمساكها السلطة بقوة؛  في المجتمع الملئ بفسيفساء من الاثنيات والأقليات، مرهونة بهيمنة هوية عامة إندماجية، وكأن هناك تضاد بين أن يكون العراقي وطنيا، وبين أن يكون من قومية أو عرق ما، وهكذا أفرغت الوطنية من محتواها النبيل، لتتحول الى سيف مسلط على رقاب العراقيين جميعا.

لقد كان نصيب الفيليين هو الأكبر؛ من القهر الحكومي، فجردوا من حقوق المواطنة ومن عراقيتهم، ولوى أصحاب الشعارات الوطنية؛ أعناق شعاراتهم فيما يتعلق بالفيليين، فقد جرى تنفيذ تلك الشعارات بشكل مقلوب!

العراق اليوم وبعد ستة عشر عاما؛ من تغيير نظام القهر الصدامي؛ بحاجة الى مغادرة العنصرية، والى توصيف جديد للوطنية، يعيد لها معناها النبيل، ويعيد للفيليين العراقيين الوطنيين الأصلاء، حقوقهم التي سلبها منهم أدعياء الوطنية، بحلول يجب أن تسعى لأرضائهم والإقتصاص من جلاديهم.

في كل سنة أيضا ومنذ 2003، بتنا نشهد طقسا فولوكلوريا مكررا، يتمثل بإستذكار ظلامة الفيليين، وعقد المؤتمرات والإحتفالات، ولا شيء غير ذلك بإنتظار السنة القادمة، بعدما تحولت ظلامة الفيليين الى طقس إحتفالي!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك