عزيز الإبراهيمي
لو اردنا ان نختصر مأساة العراق طيلة قرن من الزمن بعبارة موجزة لا نهتدي الى قول يعدو انها كانت بسبب حماقات الضباط
فمنذ الانقلاب الاول الذي قاده بكر صدقي سنة 1937 وطموح الحكم مغروس في اعماق هذه الفئة مستعينين بقوة السلاح والامر المطاع
تكررت تجربة بكر صدقي بعد عقدين مع عبد الكريم قاسم ليقضي فيها على اسس الحكم المدني ويقود البلاد الى الخراب وحكم القرية وشذاذها
رغبة الضباط وشهوتهم في الحكم لازالت ملتهبة فهم بحكم المدمن الذي يحتاج الى ابعاد عن ما يدمنه حتى يتم له الشفاء فاي خطأ ينسف مراحل العلاج السابقة ويعود المدمن فيه الى نقطة الصفر
هذا القول بمناسبة السماع بين فترة واخرى بترشح ضباط الى وزارة الداخلية ويبدو ان بعض القادة العسكريين ممن لهم بريق اعلامي تتوفر لهم حظوة في الترشح عند اختلاف القوى السياسية فيما بينها او عند المزايدات التي تركن لها بعض القوى لكسب الشارع الساخط على الاداء السياسي
لذلك ومع الاحترام لكل الجهود المشكورة لقادة الجيش والشرطة من الضباط ولكن ينبغي الحذر الشديد من ترشيحهم لمناصب حكومية حساسة لاعتبارات منها:
- اننا لازلنا قريبي عهد من حكم العسكر كما تقدم ففتح الباب لترشيح الضباط هو بمثابة فتح الشهية لهذه الفئة للتفكير مجددا والعودة لمسك الحكم بطرق شتى ولا يوجد ضمان بان الطموح الشخصي لبعض الضباط يقودهم الى اعمال انقلابية تهلك الحرث والنسل.
- يبدو ان هناك توجه امريكي سعودي لدعم حكم الضباط في المنطقة فسياسة ترامب الطامحة للربح السريع ورغبة ال سعود في خبو اوار الديمقراطية يتفقان في استنساخ تجربة السيسي في بلدان عدة
- داخليا فان المجتمع العراقي بات بفعل الاعلام المضلل من جهة وعدم تحمله مسؤولية خياراته الخاطئة من جهة اخرى اضافة الى الاخفاق والفشل في بعض الملفات من قبل الحكومات المتقاقبة بات مهيئا لتقبل تغيير بمستوى الانقلاب العسكري لفترة الى ان يستفيق وهو غير قادر على احداث التصحيح الا بمرور السنين واهراق الدماء
- قد يرد اشكال مفاده ان وزارة الدفاع يحكمها ضباط بعد تقديم استقالاتهم طيلة الفترة السابقة وهذا الاشكال يعد تافها لا قيمة له فالانقلاب هذه المرة اذا تم فانه يكون على يد ضابط شيعي حصرا ....
ولايخفى ان الضابط العسكري قد تراكمت لديه خبرة يمكن الاستفادة منها في ادارة الوزارات الامنية ولكن يمكن لذلك ان يكون مقبولا بعد استقالته او تقاعده ويمضي على ذلك فترة يطمئن من خلالها على تلاشي سطوته على المؤسسة الامنية واندماجه بالحياة المدنية وان كان هذا الخيار يمكن الاستغناء عنه تماما في حال العراق.... ففي الارض مراغما كثيرة وسعة ..
https://telegram.me/buratha