عبد الحسين الظالمي
(بعث تشيده الجماجم والدماء) ذلك المقطع ليس ضربا من الخيال بل نشيد وطني لحزب ودولة
تمادى في وصف الحالة الى درجة انه استهان بكل قيم السماء والانسانية وحتى شريعة الغاب.
بل ولاكثر غرابة ان ذلك الوصف طبق عمليا في العراق بل وتعداه الى دول الجوار وتحولت دولة من اغنى دول المنطقة بل العالم باسره الى دولة قائمة على ركام الحرب من دمار وقتل وضحايا وهدر بالثروات واستخفاف بقيمة الانسان الوجودية وبكرامتة وكل مقومات حياته وانقلبت القداسة والكرامه للحكم ولارض فلا غرابة ان نضحي بما يقارب ٥٥ الف انسان من اجل استعادة مساحة من الارض وليس غريب ان يقتل الانسان بالجملةً من اجل ان يبقى الحاكم لانه الاصل والانسان العادي هو الاستثناء .
منذ خمسة عقود والعراق يعيش هاجس الحروب والقتل والدمار من حرب الشمال التي استنزفت قدرات العراق البشرية والمادية وتلك حصة السبعينات ( تقريبا ٥ سنوات ) ثم حرب الثمان سنوات مع الجمهورية الاسلامية والتي كانت من حصة عقد الثمانينات وهي وحدها تكفي مصداقا لمجد البعث ( بعث شيد على الجماجم والدماء ) مع ما يقارب من ٦٠٠ مليار دولار كافية ان تجعل من كل محافظة من ١٨ محافظة عراقية افضل من دبي عشر مرات ، ثم تلتها حرب الكويت وتداعيتها التي كانت من حصة عقد التسعينات والتي اكلت الاخضر واليابس وارجعت العراق الى القرن السابع عشر او الثامن عشر قبل النهضة الصناعية.
ولم يكد ينتهي حتى جاء عقد الالفينات ٢٠٠٣ لتبدأمرحلة الاحتلال والتي هي افراز طبيعي من افرازات ذلك الشعار الهمجي والتي سفكت فيها دماء ربما لا تقل عن العقود السابقة لها من الاحتلال ومن اصحاب الشعار ومن يسنادهم لان جبل الجماجم هذه المرة طالب ان تكون قمته من جماجم اصحاب الشعار ( كحتمية ربانية بشر القاتل بالقتل ) لذلك اصروا على شعار عليَ وعلى اعدائي بسفك دماء الابرياء في الشوارع والمتنزهات والمطاعم والطرق حتى جاء العقد الثاني من الالفينات لتكون الجولة هذه المرة منسقة بين اصحاب الشعار وشواذ الكرة الارضية.
لتبلغ قمة الجبل ليس جماجم رجال فقط بل حتى اطفال ونساء ممتده لاربع سنوات تلون بها جبل جماجم البعث بالوان الطيف العراقي .
هذا هوواقع الدولة العراقية منذ عقد الستينات الى يومنا هذا دولة قائمة على ركام حروب كل حرب من هذه الحروب كافية ان تنهي دولة لمدة نصف قرن لذلك لا نستغرب ما نراه اليوم من متناقضات واثار سلبية ووضع نفسي وكدر بالعيش فارضا ظلاله على كل التصرفات التي تحكم المزاج العراقي شعبا وحكومة حتى ورثنا مرض نفسي ان (الحكومة عدوة الشعب) وكل مالها يمكن سلبه وتدميره وان تظاهرنا بخلاف ذلك فكل من استطاع التمكن نال من ممتلكات الدولة بشتى الذرائع والحجج وان تظاهر بخلاف ذلك فلا مال عام محترم ولا ممتلكات الدولة مصانة بل تسخيرها اصبح شطارت الشاطر ( وقد شاهدت بام عيني عوائل تذهب لزيارة العتبات المقدسة بعجلات خدمة عامة حكومية مع السواق والبانزين!) والغريب ان البعض منهم يدعي التدين .
لذلك لا غرابة ان نرى مال عام ينهب او مسوول يسىء استخدام الموارد او مواطن يطفىء عين طبيبة بحجة انها تكلمت مع زميلها باللغة الانكليزيةً لتوضح الحاله له .
ولا غرابة ان نرى التخبط في كل شىء فلازال الوضع العام مريض نفسيا وربما اضيفت له امراض اخرى تم استيرادها من خلف الحدود تعود الى عقود الماضي واثارها والاكثر من هذا ان هذا المريض لا يريد ان يعترف انه مريض ولايريد ان يعالج نفسه بل والكل يدعي انه هو الطبيب ولا طبيب غيره .
وكثير ما استوقفني قول لاحد العلماء الربانين عندما سأل اثناء قيام صدام واعوانه بضرب العتبات المقدسة بما معناه هل (ان الله غير قادر على صدام) فكان الجواب (حشى لله انه يمهل ولا يهمل ولكن ذنوب العراقين تجمعت فكانت عليهم صدام ) الظالم سيفي ..
وهكذا كانت النتيجة فمتى نعي انما نعيشه من ضنك ربما يعود اغلبه الى ما تفعل ايدينا ؟ اين التراحم اين الشعور بالمسوولية اين الوطنية اين الحلال والحرام والمكروه من تصرفاتنا ؟ اين عراق علي والحسين في سلوكنا توحدنا واطعنا المرجعية فوهبنا الله النصر فاين الشكر واين الاستمرار بالطاعة والوحدة ونبذ الفرقة .
ايها القائمين على امور الناس ومالكين مصيرهم بعد الله ؟ متى يتحول جبل الجماجم الى عمارات سكن الى ابناء اصحاب الجماجم و مدراس راقية يدرسون فيها بالمجان بدون دروس خصوصية ومتى نرى عقد واحد من الزمن القادم بدون حرب لنكسر قاعدة ( وطن يشيد من ركام الجماجم ) ..... ام لازلنا نردد: ( ياحوم اتبع اذ جرينا ) ؟ّ!
https://telegram.me/buratha