عبد الحسين الظالمي
برزت ظاهرة غريبة في العراق في الفترة الاخيرة لها اثار خطيرة جدا لم يكن العراق يألفها من قبل (كونها وسيلة تعبير) بل وحتى دول العالم باسره وهذه اقترنت بظاهره اخرى اكثر خطورة واكثر غرابة وهذه الظواهر هي اقتحام الدوائر والموسسات الحكومية والعبث بمحتوياتها ثم حرقها كتعبير عن راي .
تلك الظاهره التي حدثت مرة واحدة قبل عام ٢٠١٠ عندما اقدمت بعض الجهات السياسية على حرق مقرات سياسية لخصوم لهم في الساحة (كاوسيلة رد وليس تعبيرا عن را ).
ثم عادت هذه الظواهر بشكل اشد عنفا واكثر خطورة من سابقتها وغاية مختلفة وكادت في السنة الماضية في البصرة ان تحدث فتنة كبرى تحرق الاخضر واليابس
عند ما وصلت الظاهرة الى تجاوز كل حدود المعقول لتصل الى حرق مقرات الحشد الشعبي في البصرة ثم السفارة الايرانية وكادت ان تودي الى مواجهة مفتوحة يكون ضحيتها كل ماموجود على الارض في البصرة بل وتعدى ذلك الى تهديد المنازل الشخصية وحرق البعض منها وهذه سابقة قد تكون الاولى منذ عدة عقود وقد تاتي ثاني ظاهرة اشتهر بها العراق بعد ظاهرة (السحل) وتعني سحب اجساد الخصوم والتمثيل بهم بعد قتلهم ثم جاءت هذه الظواهر والتي تكررت في اعوام ٢٠١٧ و٢٠١٨ و٢٠١٩ وادى االبعض منها بالاضافة الى الخسائر المادية خسائر بالارواح كما حدث في مظاهرات صيف عام ٢٠١٨ وكذلك في حوادث اقتحام المولات في شهر رمضان هذه السنة والتي ازهقت فية ارواح شباب صيام في شهر الله في النجف الاشرف .
هذه الظاهرة الخطرة والتي تهدد هييبة الدولة ووجودها اذا ما استمرت وللاسف اخذت في الازدياد والشدة وتكاد ان لا تخرج مظاهرة الا واستحضر الكل هذه الحالات واستنفرت الاجهزة الامنية بكل طاقاتها لحماية المؤسسات الحكومية والاموال العامة .
اقتحام المؤسسات هل هو تعبير عن الراي الذي ضمنه الدستور؟ وهل هو عمل يجوز قانونا؟ وهل هذه الافعال تعد ضمن الممارسات التي يمكن حمايتها بتشريع؟ ام ان تلك الافعال تعد جرائم يحاسب عليها القانون خصوصا حرق المؤسسات والدوائر ذات الخدمة العامة وقد افرد قانون العقوبات العراقي النافذ رقم ٦٩ لعام ١٩٦٠ مجموعة من المواد التي تحكم مرتكب هذه الجرائم تصل الى حد الاعدام .
للاسف هناك خلط بين حق التظاهر والاعتصام والتجمهر التي تعد من اساليب التعبير عن الراي التي ضمنها الدستور العراقي النافذ وبين الشغب والذي يعد نتيجة محتملة لعدم السيطرة على جموع المتظاهرين وهذا ما يصاحب التجمعات الكبيرة مثل المظاهرات ومباريات كرة القدم والتي تعطي قوانين بعض الدول الحق لقوى الامن من معالجة الموقف واعتقال او ضرب المتجاوزين .
اما اقتحام الموسسات والعبث فيها او حرقها فهذه تعد من الجرائم وليس لها اي ربط بحق التعبير عن الراي مطلقا بل في بعض الدول تعدد جرائم خطيرة يتم التعامل معها بقوة وحزم كما حدث في فرنسا واسبانيا .
اقتحام الموسسات يضع الدولة امام امتحان كبير يمس هيبتها وكيانها ويثير تسال كبير وهو لماذا تصرف الدولة مليارات من الدنانير على قوات حماية هذه المقرات والموسسات باسم (حماية المنشاءات) فاذا كانت النتيجة هي الانسحاب وترك المؤسسة في خطر يصل الى درجة حرقها اذا لماذا الحماية ولماذا هذا الانفاق؟ ولماذا كل هذه التحصينات التي تنفق عليها المليارات؟ اذا كانت النتيجة هي ترك المؤسسة!! لمن يحمل ادوات الفعل جهارا نهارا (ادوات الحرق ).
والسوال الاخر ماهو دور وحدود وواجبات وضمانات حارس المؤسسة؟ خصوصا اذا كان مكلف بشكل رسمي وقانوني والتي تعد حماية الموسسة من واجباته التي يتقاضى عليها اجر؟ خصوصا اذا وصلت الامور الى حد تهديد حياة الحارس؟ فمتى يبدء حق الدفاع عن النفس؟ وماهي واجباتة اتجاة حماية ما كلف بحمايتة؟
ان تكرار هذه الظواهر والسكوت عن معالجتها سوف يجر الامور الى نهاية لاتحمد عقباها عاجلا ام اجلا وخصوصا ان هناك مقرات وموسسات لها علاقة بوجود وهيبة الدولة وتنعكس على علاقتها الخارجية مثلما حدث في اقتحام وحرق القنصلية الايرانية في البصرة وما حدث البارحة في بغداد على السفارة البحرينية وتداعيات هذا الحادث الذي وضع الدولة وهيبتها في وضع لا تحسد عليه.
فماذا لو كتفى المتظاهرين بالوقوف ضمن مسافة معقولة ورفع الاعلام والشعارات بشكل سلمي حضاري يوصل رسالة اريد ايصالها؟!
الم يكن افضل ورقى من الفوضى التي جعلت البلد كله في مأزق ؟!
كيف يمكن ان يطور العراق علاقته مع دول تخاف على سفاراتها؟ وكيف يمكن ان يتم بناء بناه التحتية مثل الكهرباء والشركات تخاف على مقراتها ؟.
الدولة بكل مفاصلها امام امتحان فرض هيبتها وحماية مقراتها، والدولة التي لا تستطيع ان تحمي نفسها الاجدر بها ان تحل قواها الامنية علما ان هناك فرق كبير بين البطش وانتهاك حرمة المواطن وسلب حقوقه وكبته وبين حماية مصالحة العامة من ايدي مدسوسين او عابثين او طائشين، وبين حماية المواطن كواجب على الدولة وهو يعبر بشكل حضاري عن رايه.
نحن امام تكرار هكذا حوادث سوف نبقى في مأزق وقوانا الامنية اكثر ورطة واحراج في تنفيذ واجباتها ناهيك عن اننا نهدر اموال كبيره جدا مرة باسم حماية المنشاءات ومرة اخرى باسم ترميم وتجهيز المنشاءات التي يتم تدميرها وحرقها !!. وهل يوجد عاقل يقبل ان يحرق بيتة بيده ويعود ويصرف ما في يده من اجل ترميم ذلك البيت الذي يأويه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha