عزيز الإبراهيمي
التنين الصغير مسلسل كارتوني رافق ايام طفولتنا, تدور احداثه حول تنين صغير يحب الخير ويعشق مساعدة الناس, لذلك يقرر ان يصبح رجل اطفاء وفعلا ينجح في مسعاه رغم اعتراض ابيه, فينضم الى رجال الاطفاء ويؤدي عمله على اكمل وجه, ولكنه في كل مرة وبعد اطفاء الحرائق يصل الى مرحلة من الفرح والنشوة تجعله يطلق من فمه نار تؤدي الى حرائق اشد مما بذل جهدا في اطفائها.
تشبه احداث هذا الكارتون حالنا الى حد كبير فالناس في اغلب القضايا تنطلق من وعي بدورها ازاء القضايا العامة والحقوق الشخصية فتنتظم على شكل مسيرات ومظاهرات تحت شعارات حقة ومطالب لا غبار عليها, ولكن سرعان ما يتبلور عقل جمعي يلهب المشاعر ويجردها عن التعقل ورفض الحدود فيقود الجماهير الى الاقتحام ولا يرتوي الا برؤية الدخان قد تصاعد والخراب قد حل والدماء قد سالت.
عندما يحل الهدوء ليلا يدرك الجميع انهم اقدموا على خطأ لم يخططوا له ولكن هذه الطبيعة في كل مرة تكون هي الغالبة كما هو حال صديقنا التنين الصغير.
اغلب المظاهرات التي شهدناها كانت تلد مثل هذا العقل الجمعي المدمر والذي يذهب بخير المظاهرات ويجعلها دون جدوى بل ترسل رسائل خاطئة مضادة للاهداف التي خرجت في سبيل تحقيقها.
ليس جلدا للذات ولا شعورا بالدونية (كما يحلو للبعض ان يردد هذه الكلمات ) ان قلنا ان هذا الامر مختص بالشعوب التي عانت كثيرا من القهر والاضطهاد والذي بنى جدار بين الفرد والبلاد التي يقطنها, فلا شعور له بملكية الا ما يحوطه جدار بيته فتجده لا يهتم بالشارع الذي امامه فضلا عن المرافق العامة للبلاد (والكلام في الاكثرية وليس في الكل طبعا).
اذا اردت ان تدرك ان هذه مشكلة نفسية واجتماعية تحتاج الى تشخيص ثم وضع خطوات العلاج عليك ان تزور قصر الشاه في طهران لتجد مقتنيات الشاه الشخصية وملابسه وسياراته الفارهة لازالت على حالها رغم ان الشعب قد قام بانقلاب جذري وتغيير هذا الحاكم الظالم, فيتبين لنا ان الامر ليس مغروس في جبلة الانسان بل ينحصر في شعوب معينة نتيجة تراكمات الاحداث, وهذا ما ينبئ بامكانية علاجها.
التخريب والحرق والتدمير امر مرفوض جدا و ينبغي ابراز شناعة هذا الامر بكل الوسائل حتى يستقبح الناس هذا الفعل وينغرس ذلك في عقلهم اللاواعي ليحول دون ولادة العقل الجمعي المدمر حال المظاهرات والمسيرات, ولابد من تشنيع مبدأ التخريب بعض النظر عن المصاديق ايا كانت لان ذلك يعود بالضرر على جميع المواطنين بالدرجة الاولى.
وختاما لاتزيد افعال التخريب سوءا عن النفاق الذي نتلمسة لدى الكثير حيث يتغاضون عنه تارة ويشنعون تارة اخرى, فكثير ممن استنكروا حرق السفارة البحرينية وجدناهم قد خرسوا ازاء حرق القنصلية الايرانية ومن قبلها مبنى البرلمان في حالة من النفاق وعدم الامانة منقطعة النظير.