عبد الحسين الظالمي
من اخطر ما يهدد الشعوب وكيان الدولة مرضين قاتلين تسببا في دمار امبراطوريات وتحطيم دول كبرى على مر التاريخ وهما مرضا الفساد والفوضى ..
تمهيد
يعد الفساد بكل انواعه الاخلاقي والاداري والمادي من اخطر الامراض التي تهدد وجود الدولة وكيانها فالفساد الاخلاقي بيئة التجمع البشري والذي يودي الى تحطيم القيم والروابط الاجتماعية ويدمر الاصالة عند الشعوب وهذا الفساد غالبا مايكون بفعل الناس كما يذكر القران (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ) والفساد الاخلاقي لا ينحصر بالجانب الجنسي فقط كما يذهب البعض بل يتعداه الى كل القيم والاخلاقيات التي لها قيمة في المجتمع من ظلم وتعدي وغش وتزوير ونقصان في الكيل . ومثلما كان الفساد الاخلاقي بيئة المجتمع لذلك يصبح مقدمة للفساد الاداري والذي هو مقدمة للفساد المالي و بيئتهما العامل والموظف والمسؤول . لأن الموظف والعامل والمسوول خرجا من رحم هذا المجتمع .
الفساد الاداري .. وهو يعني سوء استخدام الموقع وتخلف النظام الاداري واشاعة الروتين والبيروقراطية وعدم احترام الوقت والامكانيات لتسهيل انجاز المهام المكلف بها ذلك الموقع
ووضع الشخص في غير موضعه الحقيقي مما يودي الى هدر الوقت والامكانيات وتعطيل او تاخير المصالح العامة وبذلك يكون قد فتح الباب لتعاطي الرشوة والمحسوبية والواسطات وتقريب القريب رغم عدم استحقاقه وابعاد المستحق لذلك يكون مقدمة للفساد المالي .
الفساد المالي ...
وهو يعني هدر المال العام واضاعته في غير الموارد التي خصص لها سواء كان ذلك بتسخيره للمنافع الشخصية او الطبقية او الحزبية او تبذيره بدون جدوى تقابل القيمة المادية لذلك المال ولم يقصد بالمال هنا فقط النقد بل كل شىء ذو قيمة مادية يعود للدولة والنفع العام من اموال وادوات ومواد بقصد كان او بسوء ادارة (استخدام العجلات الحكومية لاغراض شخصية فساد نموذجا) مما يودي الى بروز طبقات دخيلة على تركيبة المجتمع وثراء هذا الطبقات على حساب طبقات اخرى بدليل القول المأثور (ما اغتنى غني الا وجاع فقير) وحتى لو كان هذا الغنى مشروع فقد وضع الله له واجبات لذلك شرع الزكاة وحرم كنز الذهب والفضة لانهما عملة عامة فيهما نفع عام وغالبا ما يشكل هذا المرض مقدمة حتمية لوباء اكثر فتكا وهو انفلات النظام وشيوع الفوضى .
الفوضى ...
وهي تعني في ابسط مفاهيمها انفلات النظام وفقدان السيطرة على الامور وانعدام تطبيق القانون مما يشجع العصابات واللصوص وضعفاء النفوس والفاسدين والمنفلتين باستغلال الفرصة والعبث بكل ما يمكن ان تصل له ايديهم مما يضطر الانسان للدفاع عن نفسه وماله بقواه الذاتية وعشيرتة ومن حوله وربما يكلف عصابات ولصوص لحماية مصالحه فينعدم الامن ولا ستقرار وتتعطل عجلة الحياة ووتتراجع ويبقى غاية ما تريده الناس هو البقاء على ما يمكن البقاء عليه ولكن هيهات فالفوضى نار في الهشيم عندما تعم يصعب ايقافها عند حدود معينة .
الخلاصة
الفساد بكل انواعه الاداري والمادي سواء كانوا ظاهرة ام حالة يمكن تطويقها والحد من اخطارها وحصر المساحات التي تشتعل فيها النار وخصوصا في المراحل الاولى والمتوسطة ومهما بلغى من اخطار تبقى محصورة بحدود معينة ضمن الجوانب الادارية والروتين وتعطيل بعض المفاصل وهدر المال العام بشكل لايخدم التنمية الوطنية للبلد ويزيد في تخلفه وبطيء في عجلة الحياة لحين بلوغها مرحلة بوادر الفوضى وهنا ، ولات حين مندم لان مرض الفساد اضيف له مرض اخر فتاك وهو الفوضى والتي سوف يدخل ساحتها بالاضافة الى الفاسدين الذين نشكو منهم الا. الفوضوين والمنفلتين وضعفاء النفوس والمندسين ،لذلك تكون الفوضى والتي تهدد الحرث والنسل
هي اسوء واخطر بكثير من الفساد ويصعب السيطرة عليها لانها تستهدف بالاضافة الى المال ارواح الناس واعراضهم وتقضي على ما موجود ،
وبالرجوع الى وضعنا الراهن وتحليل الامور بشكل حيادي ومنصف وعلمي وتحليل المزاج العام والتركيبة الاجتماعية والطبقية والطائفية والعرقية والازمات الاقليمية والدولية والمخاطر الداخلية والخارجية تضعنا امام خيارين لا ثالث لهما اما التعاون والتظافر في الامور وتحجيم الفساد بكل انواعة وتحمل المسوولية في ذلك للحفاظ على ما موجود والسعي لبناء بلدنا والذي يريد االاخرين بقائه ضعيفا بدون مثاليات وتنظير وما ان نسير نحو الهاوية والفوضى والتي سوف تحرق الاخضر واليابس وتهدد الحرث والنسل ونصبح نتمنى الماضي كما يفعل البعض الان.
ويخطيء من يتصور ان انفلات الامور بدافع محاربة الفساد وسوء الخدمات سوف يمكن السيطرة عليها ويجاد بدائل سريعة تضبط الامور ( السودان ، ليبيا ، اليمن سوريا ، افغانستان نموذجا) وتحديد رقعتها مع اراده اقليمة ودولية وبعض من النفوس الضعيفة في الداخل تسعى لتفتيت وتدمير العراق وبقائه ضعيف يمكن استغلاله ومنعة من ممارسة دوره . واعتقد والله العالم ( ان ذلك ما يمنع المرجعية من اجابة اولائك الذين يقولون لماذ لاتفتي المرجعية ضد الفساد والفاسدين ( ويقصدون الوضع الحالي) كما افتت فتوى الجهاد الكفائي).
https://telegram.me/buratha