عزيز الإبراهيمي
انهيت متابعة مسلسل تشرنوبيل (بعد ان نصحني به اصدقاء) والذي يوثق بشكل جذاب حادثة تشرنوبيل التي جرت في احدى مفاعلات توليد الطاقة الكهربائية في اوكرانيا التي كانت خاضعة للاتحاد السوفيتي قبل تفككه.
من الرسائل التي يتضمنها هذا المسلسل هو موضوع الاكاذيب وعدم قدرتها على اخفاء الواقع وان الحقائق لابد ان تُظهر نفسها بشكل قد يكون مدمر في بعض الاحيان بشكل لا يمكن اخفاءه ولا تلافي اضراره ..
ابشع الاكاذيب تلك التي يستخدمها اصحاب المسؤوليات للحفاظ على مواقعهم او الاستزادة منها عندما يظهرون في نظر من فوقهم مدى تفوقهم وقدرتهم على النجاح لانهم ببساطة لا يقولوا الحقيقة ويظهروا القليل من الايجابيات ليأجلوا بذلك حجم الكارثة المرتقبة والتي تظهر على شكل انفجار نووي كما حدث في تشرنوبيل او على شكل مأسي تعيشها المؤسسات والمجتمعات المرتبطة بها.
وفي واقعنا العراقي هناك الكثير مما يشبه مفاعل تشرنوبيل قد انفجر ولا زلنا نحصد عواقبه الوخيمة وليس ذلك الا بفعل الاكاذيب التي يرفعها المدراء الى مسؤوليهم والتي تظهر الواقع بعيدا عن السلبيات تاركيها تتضخم لتنفجر في وقت معين يكونوا فيه قد غادروا الى مواقع ارفع ليتحمل من يأتي بعدهم وزر ما اجتروه من اكاذيب.
انظروا معي الى عدة امور منها الوضع الامني في الموصل على سبيل المثال فالضباط بطبيعتهم التي ورثوها من نمط تدريبهم او من النظام الصدامي الذي قضوا في خدمته اغلب حياتهم لا يصارحوا مسؤوليهم بحقيقة الامر ودائما تكون عبارة (ان الوضع مسيطر عليه) على امل ان يحصل الضابط على كلمة عفية او ترفيع .. ثم ما هي النتائج انفجار نووي بحجم سقوط الموصل وماجرته من ويلات
الصناعة العراقية .. عندما تصغي الى وزير او مدير عام عراقي تجد بأن الوضع في احسن حال ونحتاج الى بعض الاجراءات الشكلية التي تقوم بها الدولة لنكون من رواد الصناعة في العالم . والنتيجة ماذا ؟ لاتوجد صناعة في جميع المجالات مطلقا ومن يقول غير ذلك فاما كذابا اشر او جاهلا لا يعرف اسس الصناعة وانطلت عليه اكاذيب وزارة الصناعة ....
الاستثمار .. الاكاذيب في هذا المجال بقدر ثراء المنتفعين من المواقع التي يعملون عليها، وتقهقره بمثابة انفجار نووي مصغر يهلك اقتصاد البلد ويؤخر تقدمه
الخطاب الذي يمارسه الساسة والاعلاميين الحمقى والذي يصور للشعب ان الدولة كائن مليء بالثروات التي يجب ان توزع على المواطنيين بالمجان من دون ان يقدموا عمل يذكر ولا يقموا بواجبهم في التخادم المشترك بينهم وبين الدولة ... هذا الخطاب المليء بالاكاذيب اوجد شرخا كبيرا بين الدولة والمواطن مما سمح للمسؤولين حرية الاستفراد بمقدرات الدولة دون مراقبة لانه لا احد يهتم بمن يبغضه (الدولة) ... وهذه بمثابة قنبلة نووية اخرى تفتك بهذا الوطن.
قائمة الاكاذيب تطول في : التعليم ، الصحة ، الاحزاب والعمل السياسي ، منظمات المجتمع المدني ودورها ، الاعلام؛ ولابد من كشفها فالصدق وحده من يبني الدول والكذب معول عظيم في هدمها.
واخيرا كلمات قيلت على لسان العالم النووي ليغاسوف الذي له دور البطولة في المسلسل وتاريخ الحادثة :ان تكون عالما يعني ان تكون ساذجا
نحن صب جام تركيزنا في بحثنا عن الحقيقة لدرجة تمنعنا مناخذ بعين الاعتبار كم قلة هم من يريدون منا ايجادها حقا ، لكنها موجودة دائما سواء رايناها ام لا سواء اخترنا رؤيتها ام لا
الحقيقة لا تكترث بشأن حاجاتنا ورغباتنا ، لا تكترث لحكوماتنا , مبادئنا , ادياننا ، ستقبع في الانتظار الى الابد
https://telegram.me/buratha