عبد الحسين الظالمي
أقرأ في الفترة الاخيرة مقالات لبعض النخب يصورون فيها الاوضاع في البلد وكأنها وصلت الى حد لاينفع معه شيء غافلين عن جملة من الحقائق. اولها ان البلدان لاتموت والشعوب مهما تكالبت عليها الظروف لا تقهر والحياة متحركة لا تتوقف (من المحال دوام الحال) والبلدان ليس انظمة وحكام او ربما شعب متقاعس في فترة زمنية معينة فحسب . قد تتعرض البلدان الى كوارث وحروب!
وقد يحكمها جبابرة يسمونها سوء العذاب بما كسبت ايديهم كل ذلك ممكن ولكن الحقيقة تبقى (الزمن متحول والأيام تمضي ودورة الحياة لا تتوقف) لذلك من الصعب بل من الخطاء تصوير الامور وكأننا في نفق يصعب منه ألخروج صحيح قد يكلفنا البقاء في ذلك النفق عمرا كاملا لجيل او جيلين ولكن النتيجة محسومة لابد للقيد ان ينكسر اذا الشعب يوما اراد ألحياة فالكون لا تحكمه الامور المادية فقط بل هناك امور تتداخل في الحياة لتفرض تأثيرها وربما تقلب الامور رأسا على عقب (ان مع العسر يسر ان مع العسر يسر) هذا التأكيد ارباني العجيب في هذه ألاية لهو اوسع باب امل يمكن ان يضعه الانسان امام عينه لينفض غبار الاتكال ويتسلح بالتوكل ليجد طاقات هائلة معطلة، البعض منها استسلم والبعض الاخر اكتفى بالنقد وجلد الذات ولم يكلف نفسه بالسؤال عن دوره هو قبل ان يسال عن دور غيره .
قد تكون ظروف البلد صعبة نتيجة تراكمات ونتيجة ارث ثقيل وفق التصور المادي المحدود ولكن ابواب الامل مشرعة لأننا في بلد حباه الله بكل شيء فهو بلد يمتد الى عمق التاريخ يحمل في سفينته كنوز الدنيا، فيه دجلة والفرات عندما اراد الانسان ان يتدخل ويمنع عطائهم ووصلت الامور الى حد الاستغاثة من الجفاف والخوف من القادم المرعب وفي ظرف فصل واحد انقلب الخوف من الجفاف الى الانذار من الفيضانات وتفجر السدود وفي لحظة اراد الاعداء ابتلاع الوطن سرعان ما أبتلعهم هم ومن يقف خلفهم، وفي زمن اراد الطغاة كسر شوكت الوطن وقتل الاخيار فيه ودمار بناه التحتية والنتيجة لم يبقي لهم سوى حفرة جرذ وقبر لم يستقر على الارض.
بلد ينهض من تحت الركام هكذا عودنا، يحول المستحيل واقع من الصريفة وبيت الطين وفانوس الاجداد لينافس الحاسوب والايباد، واصحاب القصور الفارهة وينتصر عليهم من عمق المناطق النائية .(حسين معيوف نموذجا) .
العراق بلد جعله الله مهبط الانبياء والرسل والأوصياء، بلد الخلافة الراشدة والولاية الحقة، فهل يتصور عاقل ان يختار الله لهذه المهمة بلدا يموت، انها كبوه ومهما طالت سوف ينهض ويعود شامخا بمجرد ان يغادر ابنائه التنظير والمثالية وان يتعاملون مع الواقع بما هو وبما يستحق وان يتعاملون بالممكن وليس بالتمني المفرط وجلد الذات الذي لا يقدم شيء .
ليس الحكومة وحدها من تتحمل المسؤولية فالحكومة لا تملك عصا سحرية فالكل مسؤول كلا حسب موقعة وحسب قدرته نعم على الحكومة ان تهيىء الظروف والمقدمات وعلى الاخرين استغلال ذلك، والقيام بواجباتهم على افضل وجه فا ليس من المنطق ان نطالب بنهضة والموظف لا يستغل من وقته الوظيفي سوى ثمانية عشر دقيقة، وليس من المنطق ان يتحول الشعب العراقي كله الى موظفين حكوميين علما ان اغلب دوائرنا الان فيها بطالة مقنعة وليس امامنا سوى التوسع في القطاع الخاص، القضاء على الفساد يراد جهدا جماعيا ومعالجة الروتين والبيروقراطية تحتاج تحمل مسؤولية، فالنظافة جهد جماعي وليس مسؤولية عامل وهكذا في مفاصل الحياة الاخرى .
دعونا ان لا نحمل الامور اكثر من طاقتها نعم كلنا امل ان يكون يومنا افضل بكثير مما نحن عليه، ونحن افضل من غيرنا بالقوة ولكن بالفعل نحن متأخرين وبيننا وبين الاخرين زمن فهل يمكن ان نقلص الفارق بثمان عشر دقيقة عمل ؟ ام اننا يجب ان نحول يومنا الى 48 ساعة عمل .
ملاحظة اخيرة يخطأ من يتصور ان اسلوب النقد والتشاؤم وتحميل الاخرين مسؤولية التقصير هو الحل، ويغلق باب الامل دون ان يسال نفسه عن دوره فيما ينتقد . الحل الانجع للنهوض بالبلد يكمن في ان نتحمل جميعنا المسؤولية والنقد البناء والتمني المنطقي الواقعي وان نمتلك العزم والإرادة ونتوكل على الواحد الاحد.
https://telegram.me/buratha