عبد الحسين الظالمي
ينقل عن سيد البلغاء امير المؤمنين علي عليه السلام قولا بما معناه (يا ليت رقبتي كرقبة البعير حتى ازن الكلام قبل ان يخرجه اللسان).
كثرت في الفترة الاخيرة زلات اللسان في اجواء ملبدة بغيوم سوء الظن وتحميل الكلام اكثر مما يستحق بقصد او بدون قصد ومع تطور وسائل التواصل والنقل ونشر الحديث مسموعا او مقروء، لذلك على الكاتب والمتحدث ان يراعي هذه القضية التي اصبحت اكثر احراجا لشخص المتحدث او حتى للمؤسسة التي يرتبط بها .
ربما تقضي زلة بسيطة من شخص او مسؤول او داعية او خطيب على مستقبلة السياسي او المهني او الاعتباري وربما تقود حتى الى محاكمته حسب القوانين السارية في البلد وحسب اثار زلت اللسان، رغم ان ما من بشر بالكون معصوم من ذلك سوى المعصوم الذي لا يوجد بيننا الان بشكل علني.
فكيف بالذي تسلط علية الاضواء للاعتبارات ربما لا تتعلق بشخصه بل بالجهة التي يرتبط بها، بألتاكيد سوف تكون الامور اكثر حساسية واكثر ردود افعال يتصيدها الاخرون بفارغ الصبر ليوقع الطير في شباك الخطاء والتقصير والادانة ، وقد يعمل البعض بشكل مبرمج لايجاد الارضية المناسبة لا يقاع الاخر بهفوة حتى يمكن ان يبنى عليها ما يريد البناء عليه.
بالعودة الى حديث الشيخ يوسف الناصري الذي اثار ضجة كبير ينتظرها البعض ليطبل لها بكل ما يستطيع من قوة ، الذي تحدث فيه عن الجيش العراقي بقصد الانتصار للحشد المقدس وانجراره بشكل غير سليم الى نقطة القتل التي احكم قبضتها عليه واضعي سياسة القناة ونهجها والذي كان عليه ان يراعي الحقائق المهمة التي يجب عليه ان يضعها امام عينيه اولها؛ انه معمم وبالتالي كلامه له حساب خاص ومعنى وتفسير يحمل عليه شخصيا وعلى المؤسسة الدينية باعتباره احد افرادها، وثانيا انه ينتمي الى احد فصائل الحشد ويضع علم الفصيل خلف ظهره؛ ثالثا ان الاجواء ملغومة وأي هفوة بموضوع حساس يمكن ان تخلق فتنة او كارثة، رابعا منهج القناة التي تجري معه اللقاء، خامسا الضيوف الذين يشاركونه بالحوار والنقاش ، سادسا توقيت مناقشة الموضوع وما الغاية من مناقشته ؟.
كل هذه الحقائق كان على الناصري ان يضعها نصب عينه وليس الناصري فحسب بل كل من يريد ان يخوض هذا المضمار وخصوصا الحوارات المباشرة وفي القنوات المعروفة التوجه لان الحديث لم يعد امانة المجالس بل اصبح يسابق الريح انتشارا ليس فقط في الفضائيات او الصحافة الورقية او الكترونية ، بل كل شاب الان وفي اي مجلس اصبح قناة نشر صورة وصوت من خلال التلفون الحديث الذي اصبح يرافق الكل .
الحديث في القنوات وفي الخطب وفي المحافل اصبح اكثر صعوبة واكثر احراج لذلك من لم يمتلك موهبة القدرة على الحديث والارتجال والنقل المباشر علية ان يبتعد وان لايخوض في هكذا مضمار وخصوصا اذا كان الحديث في قضايا عامة مهمة وعليها اثارة خصوصا اذا كان المتحدث لة ارتباط بمؤسسة او ارتباط اعتباري لان اثار اي خطاء سوف تكون كارثية فكيف اذا كان المتحدث ( مكروه ولدت بنت )؟ معمم وينتمي الى احد فصائل الحشد ويتكلم عن موضوع حساس وفي وقت ومكان ليس في محلهما ابدا!
وحتى اصل الموضوع من الخطاء الجسيم تصويره بهذا الشكل وطرحة وكانة احد المسلمات وهذا مخالف لقول حتى المرجعية الرشيدة لانها هي الى امرت الحشد بالانقياد الى اوامر وقيادة القوات المسلحة والتي عمادها الجيش، وحتى لو افترضنا جدلا هناك تقصير فهو بالتاكيد ليس ذنب الجيش بل ذنب من يقوده اذ سرعان ما حول الجيش وضعه من منتكس على منتصر وخاض اعنف المعارك والعالم كله يشهد له بذلك ، يخطاء من يتصور ان الانتصار تحقق فقط بوجود جهة واحده بل تحقق من تظافر جهود وتضحيات الكل ومنها الجيش العراقي البطل .
حتى لو كان راي الشيخ يوسف الناصري شخصي وهو يعتقد بذلك وهذا من حقه ولكن ليس من حقه ابدا ان يصرح بذلك وبهذا الشكل ومع الاعتبارات التي ذكرت اعلاه .
الحديث في القنوات وفي الحوارات والارتجال فن وموهبة وقدرة على رسم الدوائر وقوة سيطرة على المفردات التي يحاول المحاور ، مذيع كان او محاور او ضيف ان يوقع الطرف الاخر فيها (ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه) في اجواء اسقطت كثيرين بزلة لسان غير مقصودة (حديث اصحاب الكساء) لأحد السياسين وحديث العدس الذي اصبح كأنه اكتشاف بالمريخ وحديث عملية احد النواب وحديث العركجية، وهكذا .
الاسباب واضحة منها سياسية ومنها ضعف ثقافة ومنها جهل وسوء استخدام لوسائل النشر والتواصل التي دمرت عوائل واطاحت بحكومات ودمرت دول ومنها تسقيط وحرب مافيات وجيوش الكترونية ومنها وللاسف عدم مهنية بعض القائمين على القنوات والمحاورين والضيوف الذين يحاولون ايقاع المقابل في فخ الزلل والاستدراج هذا كله اذا كان الحديث زلة لسان فكيف بالحديث الذي يصر ويدافع عنة بقوه بدون ادنى مبرر لاثبات الراي؟ .
ختاما نقول ذبحنا من الوريد الى الوريد من خلال كلام البعض في القنوات والحوارات المغرضة التافهة طائفيا وسقطنا وذبحنا من القفى من خلال الجيوش الاكترونية تسقيطيا وحورات اصحاب (النص ردن)، واحاديث وكلام غير اصحاب الراي والفكر والمهنية فمتى يمكن بناء الوطن؟ والكل يدعي هو الصواب وغيره الخطاء المحض. الحديث امانة على المنبر وفي القناة وفي المقال وفي كل محضر لان الحياة كلمة (قفوهم انهم مسؤولون ) (ولا تقفوا ما ليس لك به علم) والله من وراء القصد.
https://telegram.me/buratha