عزيز الإبراهيمي
من اكبر الأخطاء التي ارتكبها السيد عادل عبد المهدي هو قبوله بمبدأ مكافحة الفساد في العراق ... والذي اصبح فخا منصوبا له من اول يوم استلامه لرئاسة الوزراء ...
لان الفساد في العراق كائن هلامي لايمكن للقضاء ان يضع يده عليه مشيرا اليه وحاصرا له ومقيدا لحركته .. هذا على فرض حرص القضاء على ذلك وسلامته من تغلغل الفساد في أوساطه.
لا يبتعد كثيرا عن الصواب من يقول ان الفساد في العراق غير موجود مطلقا!
وهو يقصد ذلك الفساد الذي يمكن للقضاء ان يدينه ويحكم على مرتكبيه لسبب بسيط وهو ان القضاء يريد ان يرى المرود في المكحلة وهذا النوع من الفساد لا يقدم عليه الا الأحمق الأخرق وليس اولئلك الذين يستلون الشعرة من عجينة الدولة .
ولعل اولئلك الذين ادانتهم هيئة النزاهة هم موظفين غافلين او متساهلين في تطبيق بعض القوانين الذين ظنوا انهم يمكنهم ان يقفزوا عليها لذلك تجد اغلبهم من صغار الموظفين ومبالغ قضاياهم بالنظر الى حجمها لايمكن الجزم انهم مارسوها بدافع الفساد.
الفساد في العراق محمي قانونا وعرفا وقد يجد منافذ شرعية لتواجده في كثير من الأحيان
اذن ما هو الفساد ؟ وكيف يمكنه ان يكون كائنا هلاميا لايمكن تحديده فضلا عن الإمساك به ... لنضرب بعض الأمثلة للاقتراب من هذا الكائن
- الجباية : لعل من الأمور الاكثر فسادا في العراق هو موضوع الجباية وما يتعلق بها فالدعم الذي تعطيه الدولة في أمور الكهرباء والماء وخدمات المجاري والوقود والبطاقة التموينية وغيرها موجهة بالدرجة الاولى الى الأغنياء دون الفقراء نعم قد يستفيد منها الفقراء ولكن ارباحها الهائلة تصب في جيوب الأغنياء وتعظم من مداخيلهم بدون ان ينعكس ذلك على التنمية فاموالهم تهرب الى الخارج بطرق شتى .... ولعل هذا النوع من الفساد يكاد يكون محمي عرفا ومغفول عنه شرعا ومتاجر به على المستوى السياسي
- الاولويات : من الفساد الذي لا يمكن للقضاء ان يدينه او لكل الهيئات ان تشخصه هو الفساد الناتج من فقدان الاولويات فعندما تنشئ مشروع لا فائدة فيه ولا يثمر على المدى المنظور او البعيد لغاية ايجاد منافذ للصرف وتبديد الأموال وتشغيل بعض الشركات الخاصة فهذا النوع من الفساد لا يمكن ادراجه في خانة الفساد المشخص الا من قبل خبراء في التخطيط يعملون على مراقبة خطة موضوعة (وهي غير موجودة في الأصل ) وكم من الأمثلة على هذا النوع...
- النفوذ : هنا بؤرة الفساد ومرتعه فعندما يمتلك الوزير شركة او له اتصال مع المالك فاقرأ على مبدأ المساواة في المنافسة السلام وهذا مجال طويل عريض يمر في تأسيس الكليات والمدارس والمولات ولاينتهي بتبديل الاراضي السكنية لشراء ذمم بعض المعترضين من المسؤولين .... ولعل هذا الامر يتم باجراءات قانونية بحته لذلكث لا طريق للسلطة القضائية عليه.
- الامتيازات وهو من الفساد الكبير الذي يجد له تشريعات وتبويبا فقهيا. ورفضا شعبيا غير معتد به فأين المطالبين راية القضاء على الفساد منه
- التعيينات بكمها ونوعها وكيفيتها فالكل يطالب بزيادة التعيين في مؤسسات متخمة اما نوعها فيكون لا على أساس خطة وكيفيتها تكون من خلال هبات الوزير للنافذين في اغلبها الى أوقات متأخرة هذا وغيره يؤكد ان الفساد في العراق ثقافة متعايش معها الى حد كبير وفصله عن الواقع يحتاج الى خطة جذرية متقنة وليس ترهات بعض الساسة التي تطالب بالقضاء على الفساد وهي تحتضنه وترعاه ومن الجدير بالقول كل ذلك لا يعفي رئيس الوزراء عن مهمته ولكن ذلك يحتاج الى ان يكون انتحاريا في وجه الشعب والقوى السياسية
https://telegram.me/buratha