محمد باقر القبانجي
بعد ان كان الانسان فاقدا هويته الذاتية في العصر الجاهلي، جاء الاسلام ليبين هويته ويرشده ويخرجه من الظلمات الى النور و يدله على طرق سعادته في الدنيا والآخرة.
فالشريعة الاسلامية جاءت لبناء الانسان الصالح ضامنة سعادته، الا ان هذه الاهداف لا تتحقق فيما اذا لم تكن الشريعة شاملة ومغطية لكل جوانب حياة الانسان الفردية والاجتماعية، وعلى هذا الاساس اختصت الشريعة الاسلامية بالشمولية.
فمن المسائل التي اهتم بها الشارع هي مسألة الحاكمية والعمل السياسي، اذ يرى ان المكلف كما يتبع الحاكم الشرعي في العبادات عليه ان يتبعه في العمل السياسي، وبهذا الصدد يقول الشهيد محمدباقر الحكيم: "ومن هذا المنطلق نرى ان الارتباط السياسي بالمجتهد العادل العارف بشؤون الحياة ضرورة شرعية".
وهكذا يرى الشهيد محمدباقر الصدر ضرورة اتباع المرجع الديني في العمل السياسي وذلك من اجل تحقيق نسبة معينة من العصمة: "حيث لا يوجد على الساحة فرد معصوم - بل مرجع شهيد - ولا امة قد انجزت ثوريا بصورة كاملةواصبحت معصومة قي رؤيتها النوعية.... فلا بد ان تشترك المرجعية والامة في ممارسة الدور الاجتماعي الرباني بتوزيع خطي الخلافة والشهادة"، وهذه المشاركة تحصل من خلال اتباع الامة للفقيه.
ولكن نتساءل هل كل اعمالنا السياسية بحاجة الى اذن الحاكم الشرعي؟ وفي الجواب نقول نعم، الا ان ما يمكن تمييزه كما ميزه السيد صدرالدين القبانجي هو ان هناك نوعان من الاذن: عام وخاص، فالعمل السياسي تارة بحاجة الى الاذن العام وذلك في المسائل الجزئية كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهنا الحاكم قد اعطى الاذن العام ولا حاجة للاستئذان منه بصورة خاصة. وهذا بخلاف المسائل السياسية الهامة التي تلعب دورا في حركة اتجاه الامة.
فهنا لابد من الاذن الخاص والامثلة على ذلك كثيرة منها تشكيل كيان سياسي، اذ الكيان السياسي في حال وصوله الى السلطة سوف يكون له دور حاسم في حركة وتوجيه الامة وهكذا رسم علاقاته مع باقي البلدان، وعلى هذا الاساس تشكيل الحزب نتيجة اهميته بحاجة الى الاذن الخاص وهذا ما نفقده في العراق، اذ اغلب الاحزاب التي تدعي انها اسلامية او وطنية غير علمانية، لم تاخذ شرعيتها من الفقيه الجامع للشرائط وانما اسست نتيجة ارادات شخصية سياسية.
ومن هنا يتبين الفرق بين الرؤية الاسلامية والعلمانية، اذ العلمانية لا ترى ضرورة الرجوع الى الحاكم الشرعي سواء في العمل السياسي العام ام الخاص، بخلاف الرؤية الاسلامية التي ترى ضرورة الرجوع اليه في كل الاعمال السياسية ولا سيما في المجال الخاص.
https://telegram.me/buratha