المقالات

الاخلاق السياسية في حركة الامام الحسين الثورية


السيد محمدباقر القبانجي

 

هناك نظريات عديدة حول علاقة الاخلاق بالسياسة، الا ان جميع تلك النظريات تتجه باتجاهين: اما الفصل او الوصل. 
فالنظرية الغربية العلمانية ترى ضرورة فصل الاخلاق عن السياسة، والسبب في ذلك ان مجال كل منهما مختلف، فغاية الاخلاق الدينية هي السعادة الاخروية وغاية الاخلاق العلمانية هي السعادة الدنيوية. 
كما ترى هذه النظرية (ان الغاية تبرر الوسيلة) وهي نظرية نسبت لمكيافيلي. 
اذ يرى مكيافيلي ان الحفاظ على السلطة لا يتحقق بالاخلاق الدينية، لان الاخلاق الدينية عبارة عن التواضع والزهد، اما السياسة عبارة عن المكر والدهاء والكذب. وهكذا ميز مكيافيلي بين اخلاق الحاكم واخلاق المحكوم، اذ يرى في الحاكم من اجل الحفاظ على سلطته ان يبتعد عن الاخلاق الدينية وان يعمل ما يشاء.
وعلى غرار النظرية الاولى ترى النظرية الدينية الاسلامية ضرورة وصل الاخلاق بالسياسة وان (الغاية لا تبرر الوسيلة). 
فالاسلام عبارة عن الغايات والوسائل، فالغايات والاهداف معينة، وهكذا الوسائل معينة ومحددة، فلا يمكن استبدال الوسائل من اجل الغايات، وهذا ما نجده في سلوك الائمة عليهم السلام، اذ اعتمدوا على (سلامة الاهداف وسلامة الوسائل). 
فالامام علي عليه السلام رفض بيعة عبدالرحمن بن عوف وذلك عندما توجه اليه قائلا:(ابايعك على كتاب الله، وسنة رسول الله، وسيرة الشيخين: ابي بكر وعمر. فقال عليه السلام: بل على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي). 
وهكذا نجد ان الاخلاق السياسية تجلت في حركة الامام الحسين عليه السلام الثورية في مجالات عديدة، منها الوفاء بالعهود والمواثيق ومنها الصدق والصراحة مع انصاره. 
١. الوفاء بالعهود: الالتزام بالعهود والمواثيق من الفضائل الخلقية لدى جميع المجتمعات، الا انه حينما يجد الانسان مصلحته في حال مخالفة تلك العهود نجده في كثير من الاحيان يخالف تلك المواثيق من اجل تحقيق مصلحته، الا ان الامام الحسين عليه السلام كان ملتزما بعهوده ومواثيقه، ومن جملة تلك العهود عندما عاهد عليه السلام الحر الرياحي بان لا يدخل الكوفة ولا يعود للمدينة، فحينما جاء (طرماح بن عدي الطائي) وعرض للامام الحسين عليه السلام حمايته في منطقة (أجأ)، الامام رفض ذلك، قائلا (جزاك الله وقومك خيرا، انه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف، ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الامور في عاقبة). 
والموقف الاخر بعد وفاة الامام الحسن عليه السلام طلب من الحسين ان يثور على معاوية الا انه رفض ذلك نتيجة التزامه بالمعاهدة التي كانت بين الامام الحسن ومعاوية، اذ قال الامام الحسين لسليمان بن صرد الخزاعي: ( ليكن لكل رجل منكم حلساً من أحلاس بيته ما دام معاوية حياً، فإنها بيعة كنت والله لها كارهاً، فإن هلك معاوية نظرنا ونظرتم ورأينا ورأيتم)، وهكذا جوابه لعدي بن حاتم الطائي (انا قد بايعنا وعاهدنا، ولا سبيل الى نقض بيعتنا).

٢ الصدق والصراحة مع انصاره: 
عادة القادة يخفون على اتباعهم وجيوشهم الكثير من التفاصيل والمعلومات، لان تلك التفاصيل قد تؤثر سلبا على نتائج المعركة، الا ان الامام الحسين عليه السلام كان صادقا مع انصاره وكان يخبرهم بما يجري في كربلاء، وانهم سوف يستشهدون معه، اذ كتب الى بني هاشم لما اراد الخروج الى الكوفة كتابا جاء فيه (اما بعد، فان من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح). 
فكان الامام الحسين في حركته السياسية وثورته الاصلاحية ملتزما بالمبادئ الدينية والاسلامية والخلقية، لان كان يرى الاصلاح لن يتحقق الا اذا كانت الوسائل المستخدمة سليمة، فسلامة الاهداف وسلامة الوسائل قاعدة ضرورية لكل سياسي يتبع نهج الامام الحسين(عليه السلام).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك