عزيز الابراهيمي
منذ انطلاق العملية السياسية الجديدة وبعد سقوط النظام الطاغوتي (الذي احتكر السلطة والمال والتعليم في اماكن محددة) اخذت الجامعات والكليات تتفتق في العراق معلنة عن اشراقة امل في بث العلم والوعي لدى الجيل الجديد
وعلى مدار الزمن كان للجامعات دورا اخر غير التعليم وهو بث الوعي السياسي والاجتماعي في عقول الشباب وتهيئتهم لاخذ زمام المبادرة في تصحيح ما فسد من امر المجتمع والدولة
وبرغم فساد الطبقة السياسية واتخاذها منهج المحاصصة فقد بقيت الجامعات محتفظة الى حد ما باستقلاليتها وبعدها النسبي عن تدوال المناصب بين الاحزاب الحاكمة
ولكن عند التتبع لعقد ونيف من السنين يتبين لنا تراجع دور الجامعات في عملية بناء النظام السياسي وتشخيص موارد الخلل والنقص فيه وتفعيل ادوات الاصلاح المتمثلة في بناء رأي عام لدى الطبقة الاكثر فاعلية في المجتمع والتي ترتاد الجامعات
ولعل الدعوات المبررة التي اطلقت في بداية التغيير والتي تضمت ابعاد الجامعة عن العمل الحزبي انسحب بشكل غير مدروس وسلبي على ايجاد الوعي السياسي لدى الشباب وتفعيل روح النقد العلمي لديهم خصوصا فيما يتعلق بالتشريعات التي اخذت ترسم معالم التمايز والطبقية بين ابناء المجتمع وتوجد الفوارق وتؤدي الى استنزاف الميزانيات بسياسية استهلاكية ادت الى هذه النتيجة.
ان ابتعاد الجامعة عن هذا الدور ساهم بنسة معينة في صعود ساسة لا يفهمون بكيفية ادارة الدولة ولايمتلكون ادنى درجات الوعي الاقتصادي فالاحزاب السياسية باتت غير مهتمة برفد مفاصلها بالكوادر والنخب والحرص عليهم لانه لاتوجد مؤسسة لها دور التمحيص والمراقبة والنقد وغربلة الشخصيات التي تقع على عاتقها ادارة البلد مستقبلا, هذا الدور الذي كان يمكن للجامعات ان تقوم به بشكل دوري من خلال مؤتمرات واستضافات لكبار المسؤولين وفعاليا اخرى ليس من باب الترويج والمجاملات بل كنشاط جامعي له دور التقويم من جهة ومن اخرى رفع مستوى المسؤولية لدى الشاب الجامعي خصوصا والجامعات تزخر بكليات القانون والاقتصاد والاعلام وغيرها
ان التخلي عن هذا الدور من قبل الجامعات كان له اثر كبير في جعل الرأي العام عرضة للتصفيق للتيارات السياسية الحاكمة بصرف النظر عن سياساته البائسة من جهة او التلقي غير الواعي لفاسدين كبار نهبوا البلاد ولبسوا بعد ذلك ثوب المتصدق والراعي لحقوق الشعب من جهة اخرى
فما يقوم به البزاز وشرقيته والذي مصدر علاقته المشينة وولائه المطلق لنظام صدام المقبور وكذلك ما تقوم به العائلة الكربولية التي اثرت بشكل مفاجئ بعد استلامها وزارة الصناعة لدورة انتخابية وحجم الاموال التي استحصلوها, ما يقوموا به ويجد صداه في الشارع العراقي خير دليل على حجم الفراغ الذي تركته المؤسسات الحكومية وعلى رأس قائمتها الجامعات العراقية.
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha