السيد محمد باقر القبانجي
واجه العراقيون بعد سقوط صدام تحديات عديدة، بدءا من حكومة الاحتلال وآلية الخروج منها، الى الارهاب الداعشي والانتصار عليه.
وفي كل هذه التحديات، كانت المرجعية هي التي ترشد العملية السياسية في العراق، وكان الاسلوب الذي تستخدمه هو الاسلوب السلمي، ففي مواجهة القوات الاجنبية وقفت مع الحكومة العراقية، التي سعت باخراجها عن طريق الدبلوماسية، بخلاف الميليشيات التي كانت تسعى باخراج قوات الاحتلال عسكريا. وكان التحدي الاخر كتابة الدستور، وكيف يمكن ارضاء جميع الطوائف والقوميات به، الا انه نتيجة وعي الشعب واطاعة المرجعية، استطاع العراقيون ان يعالجوا هذا التحدي بتصويتهم بنعم على الدستور، ومن هنا انتقلت الحكومة من الانتقالية الى حكومة دائمة في ظل الدستور.
واما التحدي الاخر هو سقوط الموصل بيد داعش ومن هنا افتت المرجعية بالجهاد الكفائي، وشكلت الحكومة على اثرها الحشد الشعبي وعلى اثره انتصر العراقيون امام داعش.
وهكذا واجه العراقيون تحديا آخر وهو الفساد المالي والاخلاقي للكثير من السياسيين مما ادى الى سخط المرجعية، وعلى اثره وتنبيها لهم رفضت باستقبال القادة السياسيين، داعية اصلاح ما يجري في العراق، الا ان هذا التحدي بقى ولم يحل لحد هذه اللحظة، مما ادى الى سوء تقديم الخدمات للمواطنين، فبدء الشارع العراقي بدءا من الاكادميين الحضور في ساحة الاعتصام مطالبين بحقوقهم المشروعة، الا انه نتيجة عدم توفير متطلبات المعتصمين لاي سبب كان، خرج العراقيون بمظاهرات حاشدة مطالبين بحقوقهم.
من هنا استغل الاعداء الوضع الراهن، لجعل المظاهرات غير سلمية، فجاءت الاحزاب والجهات اللادينية والبعثية وبدعم من اجندات خارجية لتحريف مسار التظاهرات، فبدلا من مطالبة اصلاح النظام، صار الشعار اسقاط النظام، وبدلا من مطالبة تعديل الدستور، صار الموقف تغيير الدستور كله، وبدل المطالبة بعدم تدخل الدول في العراق صار التركيز على عدم تدخل ايران.
ونتيجة غفلة اغلب المتظاهرين عن ما يجري ومن هو خلف الكواليس بدءت شعارات تتردد على السنة الجماهير مطالبين باسقاط النظام وتغيير الدستور، هذه المطالب بحد ذاتها لا مشكلة، اذ من حق اي عراقي ان يطالب باسقاط النظام او تغيير الدستور، لكن عندما تحولت اساليب الدعوة لمطالبهم الى اساليب غير سلمية، هنا اصبحت التظاهرات غير شرعية، اذ تحولت التظاهرات من النهج الاسلامي (سلامة الاهداف وسلامة الوسائل) الى النهج الغربي (الغاية تبرر الوسيلة)، اذ شاهدنا التجاوز على الممتلكات العامة والخاصة، وكذلك التجاوز على القوات الامنية، وتعطيل الدوائر والمدارس والجامعات وسد الطرق امام الناس، من هنا دعت المرجعية في خطبة الجمعة الى الحفاظ على سلمية التظاهرات وان الحل هو الاستفتاء الشامل، ونستنتج من تلك الخطبة انها اعتبرت الحكومة والدستور شرعيتان وما على المتظاهرين الا الحضور والمشاركة في الاستفتاء الشامل ووفقا للدستور الحالي، اذ الدستور الحالي هو الذي يبين كيف يتم الاستفتاء وكيف يتم تعديل الدستور، كما ان اشراف الامم المتحدة في الانتخابات او الاستفتاء يعود الى الدستور الحالي.
ومما يتقدم يتبين ان نجاح العملية السياسية في العراق بقيادة الحكومة او الشعب يتم عندما يعتمد على مصدرين المرجعية والدستور، اذ نجد انه نتيجة عدم استماع بعض القوى الحاكمة للمرجعية و عدم تطبيق الدستور كيف سخط الشعب العراقي عليهم.
فعلى المتظاهرين اذا ارادوا نجاح مسيرتهم ما عليهم الا الاعتماد على المرجعية كواجب ديني والدستور كواجب وطني وبهما تكون تظاهراتهم سلمية ويحققون اهدافهم وآمالهم.
https://telegram.me/buratha