محمود الهاشمي
لايمكن ان يكون العراق بعيداً عن "السيناريوهات" التي اجتاحت دول العالم، والتي ثبت انها كان مخططاً لها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وقد تكون نجحت في اغلبها وفشلت في اخرى، لكن الواقع في العراق، لايحتاج الى "ربيع"وفق المعادلة الامريكية فقد تغيرت الحكومة البائدة وتم اعدام "رئيسها" ولم يعد له ولانصاره من وجود يذكر داخل البلد، فيما تشكلت عملية سياسية وفق النظام الغربي "البرلماني" ووفق تقاليد "خاصة" تم اعتماد الطائفية والعرقية والتوافقية منهجاً لها ..وبذا فان التشابه موجود مع "ربيع" الدول الاخرى!
مشكلة امريكا مع العراق تشبه مشكلتها مع لبنان ، حيث التجربة السياسية في كلا البلدين دخل على خطها "المقاومة" وفي بعدين العسكري والسياسي فحزب الله بات من يمثله من العملية السياسية بلبنان والحشد الشعبي وفصائل المقاومة هنالك من يمثلها في العملية السياسية بالعراق!!.
وفد الكونكرس الامريكي الذي زار العراق اثناء التظاهرات طرح هذا الموضوع على المسؤولين العراقيين، واكد لهم ان الولايات المتحدة قادرة على مساعدتكم في حال ضيقتم الخناق على الحشد الشعبي وفصائل المقاومة واضعفتم النفوذ الايراني.
هذا الامر ايضاً تم طرحه عل اللبنانيين وقبل ذلك تمت المطالبة به من الايرانيين انفسهم بالتنازل عن عمقهم الاستراتيجي وعن الحرس الثوري مقابل رفع العقوبات والعودة الى اتفاق (1+5)!!.
هذه المعادلات لايريد ان يفهمها الشعب العراقي ويدرك جيداً ان المطالب الامريكية شبه مستحيلة، مستفيداً من تجارب "الربيع العربي" التي افضت الى القتل والتدمير والضياع وهلاك الآلاف في البحار هرباً من الاقتتال الداخلي.
البعض ينظر الى المظاهرات على انها حالة "رومانسية" مجرد حضور ونشاطات واعلام، وايقونات الخ..
المظاهرات "موقف من الحياة" واستعدادات، وتحضيرات ومطالب تكتب على ورق، وممثلون يعرضونها على الدولة، وعلى الجهة المقصودة بالتظاهر، وعدا هذا فان نهايتها ستبقى سائبة!
التظاهرات الاخيرة خطط لها ان تكون في (جغرافيا محدودة)، وخطط لها ان تكون دون "رأس"، حتى لايمكن لاحد التفاوض مع المتظاهرين، كما رافقتها اعمال عنف وقتل والمرابطة في مبانٍ معينة وتهديد المعابر والجسور.
الملاحظ ان "المظاهرات" دون "هوية" وهذا امر مقلق للمجتمع، وللحكومة ايضاً كما ان ادارتها صعبة وكأنها مطلقة الاذرع والزمن، وذلك هو مشروعها "التنازل عن المقاومة" او "الاستمرار بالتظاهر" وهذا يتمدد الى لبنان ايضاً ..ورفع شعار "اسقاط النظام" شعار "غريب" لان النظام له ثوابت "برلمان، حكومة، قضاء" فمثلاً "الشعب يريد انتخابات" اي ضمن آليات التجربة الديمقراطية وهي مطالب مقبولة.
امريكا قلقة على مصير "اسرائيل" فآلاف الصواريخ المخزنة حول خارطة اسرائيل ممكن ان تنطلق في لحظة واحدة فتمحى اسرائيل من الوجود، لذا فانها اختارت طريق "الضغط الداخلي" على دول المقاومة دون العسكري الذي سجلت به فشلاً في اسقاط الطائرة المسيرة وحرب الناقلات وضرب المجمعات الاقتصادية.
روسيا والصين لم تتدخل "كثيراً" في الشأن العراقي ولا اللبناني حتى الان، والسبب انها تريد ان تورط أمريكا اكثر بالمنطقة لتطلب "العون" منها كما في سوريا كونها راغبة في الانسحاب من الشرق الاوسط، وحتى تطمئن على الصديقة "اسرائيل" لابد من سلسلة من التحضيرات وابعاد اي خطر عنها، ثم البدء بمشروع "صفقة القرن" الكبيرة.لكن في نفس الوقت فان المسؤولين الفرنسيين اوالبريطانيين الذين زاروا لبنان اثناء التظاهر أكدوا ان انهيار اقتصاد لبنان سيعاجل بدخول روسي صيني الى المنطقة اكثر وسيحمل الشعب اللبناني الغرب مسؤولية التدهور ’ وان المراهنة على ابعاد حزب الله من المعادلة السياسية سيعقد المشهد اكثر ويجعل اسرائيل في موضع الخطر.
امريكا فرضت واقعاً اقتصادياً صعباً على دول "المقاومة
1-ايران: فرضت عليها سلسلة معقدة من العقوبات الاقتصادية.
2-العراق: واقع سياسي فاشل ، وفساد اداري ومالي، وواقع اقتصادي مرتبك، لاننسى ان امريكا وخلال وجودها في العراق لم تعمل على اعادة البنى التحتية في البلد، وساهمت في تدهور الاقتصادي العراقي بالشكل الذي يخلق سخطاً لدى الجميع والاستفادة منه في اية لحظة كما لم تسمح لايران ان تساهم في ذلك ولا الصين ولا روسيا الا في امور محددة.
3-غزة: حصار، الى درجة انها البلد الافقر في العالم وفي زحمة السكان، خاصة بعد قطع المساعدات عنها.
4- اليمن: حرب وحصار اقتصادي مرير.
5-لبنان: حرب المصارف ، وسلسلة العقوبات في ذلك.
في ذات الوقت فانها فرضت عقوبات على الدول الداعمة الى "دول المقاومة" ونعني الصين وروسيا ..
اذن نحن امام معادلة تقول "لابد ان تبقى اسرائيل متقدمة عسكرياً على جميع الدول التي حولها".
https://telegram.me/buratha