هادي جلو مرعي
الأحداث الجسيمة تنبع من الحاجات حتى لو كانت بسيطة فلسنا بمعرض ان نمنع الناس كيف يفكرون، وليس من حقنا ان نستخدم معهم أدوات القهر لأن الله لم يخلقهم معذبين، وخلقنا قاهرين. لكننا، وبمرور الوقت والعمر والتجربة نجد إن كل واحد منا يسلك طريقا، ويعتاش بوسيلة، فمنا المقهور، ومنا المغرور، ومنا الغني، ومنا الفقير، ومنا من يتألم من شدة الجوع، ومنا من يتألم من الشبع.
قد يكون كثر إندفعوا بسبب الجوع الى تحصيل الأموال والمناصب والوجاهة، ونسوا بقية الناس، فصار البعض يعيش في راحة، والكثير في ضنك، وصار لزاما الإنتظار للحظة صدام ما يجعلنا في ميدان معركة بالكلام، أو بالحجارة، أو بالقنابل المسيلة للدموع، أو بالشتائم، أو بالرصاص.
لم يذهب إبراهيم الى حديقة الأمة ليتظاهر، بل لينام، وليجد من يعطيه طعاما وثيابا، وحين بدأ البرد يتسرب الى حديقة الأمة الرطبة في الباب الشرقي، وإخترق عظامه الهشة توجه الى المطعم التركي ليتدفأ، ولعله يجد من يعطيه شيئا، ولكنه ظل يتصل بي، ويخبرني إنه لم يستحم منذ أسابيع، وإنه بحاجة الى الثياب والعلاج والإستحمام، ولأني أشعر بتانيب الضمير فقد تداركت عجزي، وأكدت له إنني سأجيب على إتصالاته، وأحاول تدبير المال بالطريقة الممكنة وسأجلب له ثيابا جديدة، لكني لاأضمن له الإستحمام فبيتي بعيد عن بغداد، ولاأعرف أحدا يمكن أن يوافق على السماح له بإستخدام حمام منزله، أو مكتبه.
الذين يتظاهرون لم يأتوا من فراغ، وهم جزء من كينونة المجتمع العراقي، وبحاجة الى النظر في أسباب نشوء هذه الفئة التي هم مادتها، وهي المتحفزة منهم والثائرة على كل شيء، وهي ليست كل المجتمع، ولكنها قوية كفاية لتسرق الأضواء، وتلاحقها كاميرات المصورين والقنوات الفضائية، ومن غير المعقول عدم النظر الى مايجري بإنتباه وتركيز، والبحث في الأسباب، ومحاولة إيجاد الحلول، ولاينبغي أن نتصور الأمور أنها معركة، ولابد أن ينتصر أحد طرفيها لأن حقيقتها هي الإحتجاج على السائد، ورفض التجاهل والتجهيل، ومن المهم أن تدرك القوى السياسية أنها هي السبب في نشوء فئات إجتماعية ثائرة لأنها لم تعمل بمهنية، ولم تنشر اسباب الخير، وترسخ مفاهيم العدالة الإنسانية، وتقطع اسباب الفساد والبطالة.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha