الشيخ خيرالدين الهادي ||
ما أن يطرق سمعك لفظ (افريقيا) حتى تتسارع الى نفوسنا مفاهيم المظلومية والفقر والعوز مع العلم أن في افريقيا كنوز من المناجم الطبيعية والامكانيات والثروات التي يمكن ان تسعد أهلها لولا التآمر الدولي الذي قبع على هذه القارة المتميزة بخلق ابنائها وطبيعتهم الهادئة والامينة فلم نسمع ان دولة افريقية صنعت لنفسها امبراطورية لغزو العالم او استعبادها كما هي نزوات الغرب منذ كانت والى اليوم.
اما ما يمكن ان يلفت نظرنا أيضا من ذكر أفريقيا فهو الفقر الذي لا يعد منقصة بالنسبة لاهلها ولكن حينما تغادر هذه الكلمة سياقها ودلالاتها الخاصة الى أن نتصورها في غير محلها فتلك فاجعة بحق الفرد والمجتمع. فاليوم بات مفهوم الكلمة في غير محلها فمثلا نجد أن أكثر ابناء المجتمع يعيش الفقر في الثقافة الدينية، ويتكأ على غيره حتى في المسائل الواجبة التي ينبغي على كل فرد ان يتعلمها كأحكام الشكوك في الصلاة وأحكام الطهارة وغيرها، بل زاد على ذلك الناس فبدأت مظاهر العولمة اللادينية مستساغة عند الكثير، وأخذ البعض ينظر الى رجل الدين على أنه هو الوباء والبلاء وهذه واحدة من أهم غايات قوى الشر والضلال.
وأما الفقر الذي لا يخفى دلالته بحسب الظاهر والذي يعيشه اليوم الكثير من أبناء الوطن بسبب السياسات الخاطئة والتحديات الكبيرة ومنها تسلط قوى الشر على الارادة الوطنية وتمرير الصفقات الفاسدة التي انهكت العباد والبلاد ولم تقدم شيئا للوطن والمواطن فهذه من الجرائم الكبيرة التي يتحملها الساسة الذين باعوا آخرتهم بدنيا معاوية العصر أمريكا، فكان جراء ذلك تراكم أنواع الفقر في البلاد .
ومن أبرز ما ابتلي به الناس والساسة على وجه الخصوص الفقر السياسي الذي تحول عند البعض الى مهنة يمتهنها فيتقلب حيثما دارت معيشته ولا يلتزم بقانون ولا عقيدة حتى تحول عند بعضهم من الفقر السياسي الى العهر السياسي والعياذ بالله، والاصل ان الاسلام كمنظومة متكاملة قاد الناس والمجتمع بسياسته المتزنة عبر العصور فكسب قلوب الصالحين واستمالهم الى جانبه.
ان ما ينبغي ان يلتفت اليه الناس جميعا هو ان الفقر بالمعنى العام ليس منقصة بل هو ابتلاء كما الغنى ولكن العيب ان تكون فقيرا في اخلاقك وآدابك وقيمك، وان تكون سلعة رخيصة بيدي طواغيت العصر يتلاعبون بك فتتلاعب بمقدرات الامة وأبناء الوطن، وعلى المؤمنين ان يمارسوا دورهم التبليغي بما يتناسب مع متطلبات العصر وثقافة المجتمع وان لا يكون هناك شرخا بين الدين والمتدين، وينبغي ان تكون افريقيا رمزا للإباء والصمود على الثوابت والمقدسات، وساحة نضال لاهل الكرامة والايمان.
https://telegram.me/buratha