المقالات

ماهي العزة والكرامة؟  


رضا جوني الخالدي ||

 

مخاض الشعوب.

ابحار قليل في زورق صغير، سؤال يتبعهُ جواب، اذا مدينا النظر قليلاً سنجد ما نحتاجهُ اليوم، مع كثير من التركيز وقليل من نزع الشهوات، الأمر ليس صعباً، فمسألة العزة والكرامة واضحة جداً سوف تتعرفون عليها في هذا المقال، وهي ترتكز على أمرين: الأول عدم الاستسلام للشهوات والرغبات، والثاني تحريّك الطاقات وعدم الاستهانه بقوة الذات.

كثير منّا اليوم اما مُتفرج عاجز، او راضخ مستسلم لهواه، فقد اعتمدت الدول الكبرى ذات الاستعمار المُقيت، في المجتمعات الإسلامية، بضرورة الاعتماد عليها، لخلاصها، من القوى الاخرى المُسيطرة عليها، وبالفعل ينجح الأول في تخليصها من القوى الكبرى الأخرى، وعندها يقع العرب في استعمار جديد، لا يفرق عن الاول بشيء ، ويمارسون اضطهادهم وظلمهم، هكذا عملت بريطانيا، لتخليص البلاد من العثمانيين، وانتقل بعدها الى استعمار اخر امريكي وهكذا،وبدأنا نحن كعرب اسلاميين، نفقد أصالتنا وقوتنا، ونخضع لكل استعمار، بحجة الأستعمار يمنحنا العزة والكرامة.

لكن هنالك كثير من الاستفهامات نضعها لكم،

هل يستطيع الإنسان المُسلم التحرّك مع قوة تُخالفه في العقيدة والفكر؟

ماهو الذل في وجهة نظر الإسلام؟

هل الكرامة قضية شخصية؟

قد نفهم بأن العزة من صفات المؤمنين وهذه الصفة لا يمكن معرفتها نظرياً، بل هي طابع عملي يمكن مشاهدته عند المؤمن، نعم كلنا احرار في مالنا أين نصرفه، وملبسنا ومشربنا، لكن ليس لنا الحق أن نذل أنفسنا اتجاه هذه الشهوات والرغبات لنشبعها، العزة تحتاج الى كبح هذه الشهوات والرغبات، عندما يكون الامر كذلك، لأنك عندما تخضع وتذل نفسك، الى السلطات والى القوى المستعمرة، لا يؤثر عليك فقط بل هو تأثير مجتمعي كامل، لأنك جزء من منظومة مجتمعية، يستفاد منها العدو لإستمرار تسلطه، لذا فأن هؤلاء الذين يخضعون الى الاستعمار من أجل رغباتهم والأنبطاح امامهم، هؤلاء ليس بمؤمنين والأيمان منهم براء.

علاوة على ذلك لابد من الوقوف عند هذه الآية المباركة،

قال تعالى: بشّر الْمُنافقِين بِأَنّ لهُم عذابًا أَليمًا، الّذِين يتّخذُون الكافرِين أَوْلِياء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِين أيبْتغُون عِندهُمُ الْعِزّة فإِنّ الْعِزّة لِلَّه جمِيعًا"

الآية جداً واضحة بأن الذين يتخذون الكافرين أولياء هم المنافقين ولهم عذاباً أليما، الاستعمار هنا يُريد التسلق من سلّم المغفلين والمنافقين، لخدمة مصالحهم، لا نريد أن نقول أننا يجب أن لا نستفاد من الدول الكبرى، في خدمة مصالحنا، ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي الحاصل، لكن ما نريد أن نقوله هو على الأمة أن تستجمع قوتها الذاتية في مسألة العزة والكرامة، وأن لا تكون عبد للاستعمار،والاعتماد على الله في هذه المسألة لان القوة لله فقط والعزة والكرامة لله ومنه، فكيف نختار عدواً لعزتنا وكرامتنا ونحن مسلمين؟

هذه جريمة كبرى وغبار يملئ العيون والأنوف.

لذا نحن الآن لا نغلق باب التعاون مع الدول الكبرى، لكن يجب أن يكون التعاون ونحن في موقع القوة وليس تعاملاً من باب الضعف، ومن موقف العزة، لا من موقف الذلة، كما هم يتعاقدون ويتعاملون مع بعضهم بقوة، لايوجد مبرر بأننا ضعفاء بل قوتنا من الله، لا نخضع لعدو اما الذين يعيشون تحت نير الظلم، بأتباع الأعداء وينحرفون عن طريق الله الذي رسمه الله للمسلمين هؤلاء منافقين بعين الله وعيون المؤمنين، وهم يُبرؤون ذلك بأنهم ضعفاء لا يملكون القوة في مواجهة العدو، ولا يملكون القدرة على أن يرفعوا اصواتهم بوجه الظالم ليردعوه، او يحتجوا عليه، ويذهبون مع الظالم والمستعمر كما يريد، ويعملون بخدمته ويحققون له اهدافه، ويرتاحوا لحياة الذل والعبودية، ما اصعب ان يرتاح الضمير بذلك وهم ارتاحوا!، رغم وجود الآيات التي تمنع هذا الذل وتعتبره استسلام وخنوع وذل.

في حين أن مسألة الكرامة هي أن يكون الإنسان المؤمن، على قدر من المسؤولية وكبح الشهوات، وان لا تستعبده رغبة وشهوة، ليكون صيد سهل للإعداء والمستعمرين، هذه العوامل تجنبهُ الانزلاق والانحراف امام عوامل الإغراء،

يقول الامام الباقر (ع)

"بئس العبد له طمع يقوده، وبئس العبد له رغبة تذله"

نلاحظ ان الإنسان الذي تتحكم به شهواته ونزواته ورغباته، يكون عبداً لها، يسير حيثما سارت، وتفقده السيطرة على تصرفاته العقلانية، وهنا يقع الإنسان في هذا الاحتلال، فهنا العدو المستعمر يتربص ويتحين الفرصة، لاستغلال هذه النفوس، كما ذكرنا بأن النفس جزء من المنظومة المجتمعية، ومن خلال الشهوات والرغبات، يأتي المحتل ليشبع هذه الرغبات والشهوات، وهذا اسلوب يستخدمه المستعمرون منذ زمن، للسيطرة على الشعوب المتخلفة، من خلال تحقيق هذه الأمور، كأن يحب البعض النساء فيشبعوه بالنساء، والآخر المال فيخدقوه بالمال، وهكذا، الى أن يسيطروا سيطرة تامة على البلد، من خلال هذه النفوس الضعيفة،لهذا جاء الإسلام بأن السيطرة على الرغبات والشهوات، هي اساس العزة والكرامة.

أما الجواب عن سؤال

مالضير بوجود الأحتلال مع تلبية مطالب الشعب، من حياة كريمة؟

الجواب على هذا السؤال هو كما تفضلنا به  قبل قليل، في الفقرات السابقة، كان الإمام الحسين(ع) في كربلاء قال

"ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز لي بين اثنتين بين السلة وهيهات من الذلة"

الإمام هنا رفض الذلة بكل انواعها، وبكل تفاصيلها، لا نقول بأن يزيد مستعمر لكنه كان ظالماً ولا فرق بينهما السكوت عليهما يعتبر ذلة، ولأننا بجو ومجتمع اسلامي، وجود المستعمر في اراضينا يعد خرق لكرامتنا وعزتنا، وبيّنت سابقاً كيف يستخدم المستعمر المغفلين والمتخلفين، من خلال اشباع رغباتهم، وهذه الحياة الكريمة التي تقصدها، هي ذلة وليست كرامة كما تراها أنت، الإمام الصادق (ع) يقول

"ما أقبح المؤمن له رغبة تذله" فهذه الرغبات لا تجعلوها

تذلكم وتسيطر على افكاركم وعقولكم.

لذلك فأن المواقف التي تناقض مبادئك وإيمانك، وعندما تحقق هذه المواقف، يقابله الذل من نفسك وكرامتك، لأنك لم تحصل عليها عن فراغ، بل كان العوض نفسك وكرامتك،

لذا على المؤمن أن لا يقف موقف المحتاج التي تشعره بالحاجة الى الخضوع للآخرين،

كيف تنذل النفس؟

هو التصرف الغير مسؤول، عندما يؤيد من لا يتسحق التأييد ، ويرفض من لا يستحق الرفض، تلبية لرغباته وشهواته، ويتحرك في معترك الانحرافات، ويقف موقف الضد في وقت يحتاج الى المساندة، ويسكت في وقت تحتاج عقيدته ومبادئه ان يتكلم، وبذلك ينافي قانون العدل الالهي، الأنكى من ذلك عندما يقف موقف المتحير المعتذر، ويطلب من الناس تقدير وضعه، لئلا يغضب عليه الآخر، الأمر الذي يجعله يسحق شخصيته،

الإنسان المؤمن يكون قوي عزيز، يعمل بما يؤمن به ويتحمل كل المسؤوليات، من أجل الدفاع عن عقيدته و وطنه.

علاوة على هذا كله نرى الكثير من الناس، يرفضون الكرامة الإيمانية، ويتّبعون كلمات جوفاء لا طائل منها، ويغريهم الإعلام المُعادي، بأن تحقيق الكرامةهو هذا، وهذا يقصدون به تحفيق الرغبات للمواطن، واحتلالهُ فكرياً، وسحق كل مبادئ الإنسانية، وترى المتلونين والمنافقين والجهلة، يركضون خلف الشعارات الرنانة المُعادية، ويغيرون ويسحقون كل عقائدهم، استسلاماً لنزواتهم ورغباتهم، وهذا ما نراه اليوم واضحاً في البلاد العربية وفي العراق ايضاً، عندما ينبطح البعض للأفكار الغربية، ليضربوا قيادتهم وحماة وطنهم وابناء جلدتهم  الحشد الشعبي، ويسبون ويلعنون العلماء، بغير وجه حق.

نسأل الله الثبات على طريق الإسلام، ورفض كل المستعمرين والظلمة، والبقاء على نهج محمد وآل محمد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سجاد خالد جليل كاظم الحرجان
2020-07-21
كلام جميل جدا استاذ رضا لاكن كلامك طويل جدا لا داعي للكتابة بالطريقه المستخدمة يجب تقصير الكلام
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك