سرى العبيدي ||
منذ ٢٠٠٣ بدأت السنين العجاف في العراق واخذ الواقع يميل الى الانحدار واللاتوازن في كل الميادين والمجالات والاتجاهات
ففي المجال العلمي والتعليمي انحدر من قمة العلم والانجازات العلمية الرصينة وبراعة الاختراع والسمعة العلمية في المحافل والجامعات الدولية الى تدني مستوى الانجازات والمخرجات العلمية وانتشار الجهل والتفكير الخرافي والتكهن والتنجيم وقراءة الطالع وزيارة المشعوذين لمعرفة ما يخبئه المستقبل وقد صنف عالمياً بانه يحتل اولى المواقع في التدني العلمي والتربوي.
وفي مجال الاقتصاد والموازنات كان العراق يتميز بموازناته الانفجارية وامتلاكه الفائض النفطي والمالي والصناعي لمساعدة وتمويل الدول المحتاجة فانتقل الى بلد يستجدي الاموال والقروض بالمليارات من الدول والبنوك لتغطية العجز وسد حاجة الشعب من المرتبات ومتطلبات المعيشة والحياتية.
وفي المجال الصحي بعد ان احتضن العراق اشهر الاطباء والملاكات الطبية العراقية التي يشهد لها العالم وكذلك المستشفيات وما تتضمنه من بنى تحيتة كفوءة صحيا وواقع طبي ووقائي وتميز في مجال اكبر واخطر العمليات
على ايدي اكفأ واذكى الاطباء والجراحين اصبح اليوم ادنى درجة من الاسوء لانه يرتبط بحياة الشعب فلا مستشفيات ولا مختبرات ولا اجهزة كافية وذات مواصفات طبية صالحة لانقاذ المرضى والراقدين اضافة الى الفساد الاداري والمالي والجشع المادي وغياب الرقابة عن هذه المؤسسات الحيوية .
وفي مجال الصناعة كان العراق كله اشبه بمصنع انتاجي للاكتفاء الذاتي والتصدير بكافة المنتجات الغذائية منها والدوائية والملابس والسلع والكهربائيات والبتروكيمياويات والبنائية والحديدية والاسمنت والسكر والورق والاسمدة والصناعات الثقيلة توقف هذا المعمل العراقي وغلقت ابوابه واصبح عامليه وموظفي يجلسون على الارصفة للتسول وطلب المساعدة لسد رمق العيش وزادت حركة الاستيراد اللانوعي لكافة الاحتياجات مما اثقل كاهل الميزانية الوطنية .
وفي مجال الخدمات كان العراق بمواقعه الحضارية والعمرانية والخدمية تفوح منه عطور النظافة والنظام وتجمله الالوان المتناسقة والمتناغمة في الشوارع والبنى التحتية والاماكن ذات النفحة التراثية الاصيلة واليوم اصبح عبارة عن مكب نفايات وركام بنايات مدمرة بسبب العمليات العسكرية الممنهجة لتدمير كل ماهو جميل واصيل وتراثي .
وفي مجال التمثيل الدبلوماسي كان العراق يذاع اسمه وموقعه وشخصياته في المحافل الدولية ويحتل موقعا متميزا بين دول العالم على صعيد التمثيل الدبلوماسي الراقي والنزيه سلوكياً واخلاقياً ولغوياً مما ادى الى اتساع علاقاته مع كافة دول العالم اما اليوم فالعراق يذكر اسمه دولياً وعلى كافة الاصعدة انه يحتل اولى المواقع في سوء التمثيل الدبلوماسي ولاختيار شخصيات غير كفوءة وغير مؤهلة دبلوماسياً وغير نزيهة ويعتمد الاختيار على المحاصصة والتحزب مما ادى الى تدني سمعة العراق دولياً واقليمياً
اما في مجال القضاء بعد ان كان القضاء واحة خالية من التلوث القانوني يعم اجواءها صوت الحق والعدالة وانصاف المظلوم ومحاسبة الظالم ونشر المساواة بين ابناء الشعب دون انحياز او تمييز مهما كانت هوية المذنب او البريء اصبح الكارثة الكبرى التي تقف وراء تفشي الفساد والجريمة والباطل بغياب الحق والعدل والانصاف واصبح المذنب بريء والبريء مذنب وضاعت الحقيقية بين ملفات الفساد وقرارات دار اللاعدالة واللاقانون
اما مايتعلق بالسلم القيمي والاخلاقي فقد كان العراق منبت الفضيلة والقيم الانسانية الراقية ومثلا اعلى في الاخلاق لاتشوبه اي شائبة واليوم بعد انتشار المحرمات والمخدرات والسلوكيات المشينة بين افراده خاصة ضعفاء النفوس اصبح بؤرة لتفشي امراض الادمان على كل ما يتنافى مع القيم والاخلاق الفاضلة.
وهكذا ينحدر العراق ويصبح شعبه بين طرفي نقيض السالب والموجب
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha