عبد الحسين الظالمي||
تعتمد الشعوب في تطورها على مستوى الوعي ولادراك الذي تجعل منه القاعدة الاساسية للانطلاق نحو اهدافها الكبرى ، والوعي هنا يقصد منه هو ان تعي الامة او الشعب التحديات والمخاطر التي تواجهها وكذلك الفرص المتاحة التي تمكنها من تحدي هذة التحديات وتحولها الى فرصة ذهبية للتطور والرقي من خلال ادراكها وتقدير مخاطرها ومن خلال وضع الخطط الملائمة لمواجهتها وتحويلها الى فرص تطور بدل الاستستلام وانتظار لحظات التراجع والتقهقر ، وكلما كان الشعب واعيا ومدركا لحجم المخاطر والفرص المتاحه امامه كلما كان اقدر على المواجة والانتصار .
وكلما تخلفت الامة تزداد فرص تراجعها ودمارها لذلك سعت القوى العظمى بعد ادراكها لهذه الحقيقة الى استهداف مقومات الشعوب الاخرى التي تريد استغلالها والهيمنة عليها
ووضعت يدها على نقطة ضعف تلك الشعوب واساس بقائها من خلال استهداف وعي الامة
بخطط تحاول فيها تدمير مرتكزات هذا الوعي او تشوية قواعد انطلاقه وحرفها عن مسارها وبذلك تستطيع الهيمنة والسيطرة على مقدرات تلك الامة بعد ان استنفذت وسائل السيطرة بواسطة القوة واستعمار الشعوب التي كانت تستخدم فيها القوة لاخضاع الشعوب والسيطرة على مقدراتها .
لجئت تلك القوى الى نوع جديد من الاستعمار والهيمنة بخطط وبرامج جديدة مختلفة من حيث الوسائل ولكنها تودي نفس الغرض ( السيطرة على مقدرات الشعب وثرواته او تفتيته وزاحته من ساحة المواجة) لذلك لجئت الى مايسمى (الغزو الثقافي ) والذي يعتمد على عنصرين الاول- تشوية وعي الامة واستهداف تاريخها وتدمير مقومات شخصيتها ومبادىءارتكازها وقيمها مما يساعد على تدميرها سلوكيا ، واما العنصر الثاني فهو يعتمد على تسويق ثقافات وسلوكيات وافكار تملىء بها الفراغ الذي يحدثة العنصر الاول فبعد ان تحارب وتشوه مبادىء ومقومات تلك الامة وتزعزع قيمها تقوم بغزوها ثقافيا بافكار ظاهرها براق وباطنها الدمار والتخريب ( الحرية.. حقوق الانسان . التطور التكنلوجي . محاربة الفقر . المساواة . حرية تقرير المصير )
وامثال ذلك .
وبما ان الدين يشكل محور ارتكاز الشعوب الاسلامية ومنبع قيمها وسلوكها لذلك تم استهداف هذا المرتكز بقوة وبوسائل عده بدءت من الحروب الى الغزو الثقافي والاقتصادي لتصل الى الغزو السلوكي وتشوية قيم المجتمع ( تقليد الغرب بالسلوك والتصرف ) تحت ذريعة مايسمى (بالفتنة الكبرى) الغرب سلوكيا مسلم والشرق سلوكيا كافر . لذلك استهدف الدين بخطط مدروسة لتشوية وقلب الحقائق لذلك حاولوا ايجاد نسخ مشوه ( داعش مثلا بعد ان فشلت الوهابيه في تحقيق غرض التشويه لذلك اضطروا الى ايجاد نموذج عملي سلوكي للفكر الوهابي على ارض الواقع جسدوا فيه الاسلام المشوه وبعد فشلهم
في ذلك ايضا عادوا للتركيز على الغزو القيمي للشعوب وخصوصا الشعوب التي تمتلك مقومات التطور والنهوض ومنها الشعوب الاسلامية الحية لذلك اخذوا يشنون حربا ضروس وغير مسبوقه تعتمد على التشوية وقلب الحقائق وزرع نماذج وافكار وسلوكيات تستهدف وعي هذه الامة او الشعب المقصود وتحرف شكل ثقافته ووعيه بعد فشلهم في السيطرة على النخب التي عجزت عن تحقيق الهدف لجؤوا الى استهداف الطبقات الفقيرة والمتوسطة من خلال ما عدوه من وسائل تكنلوجية ( وسائل الاتصال) وبرامج تسخر هذه الوسائل ومنها ( التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية ) وقد شاهدنا كيف سوقت لنا افكار تمويع الشباب بالمسلسلات ثم جاءدور برامج التواصل الاجتماعي لتكون السلاح الفتاك الذي ينخر جسد الامم والشعوب من خلال استهداف وعيها وقيمها ليسهل عليها نشر الالحاد بين الشباب ونشر التميع والسلوكيات المنحرفة حتى وصل الحال الى المجاهرة في اشاعة المثلية التي تهدد اركان الدين وقيمة الجوهرية وقد اصبح الفيس الان اداة تهديم وانحراف بدل ان يكون اداة نشر للوعي ، اذا اصبح اليوم سلوك اغلب طبقات الشعب وافكاره اغلبها مستوحات من ما ينشر من افكار على صفحات التواصل والتي تغذيه بشكل مدروس وممنهج بطريقة ذكيه .
فبعد فشل الربيع العربي في تحقيق كامل اهدافه جاء دور الربيع السلوكي الذي يستهدف سلوك الشباب وتعاملهم مع الاحداث فانتشر ت افكار الالحاد لتبعد الشباب عن دينهم الحنيف ومنبع قيمهم وثقافتهم لذلك نرى حرب ضروس مخفيه تستهدف الاجيال الشابه في عموم الشعوب الحية الرافضه للهيمنة والتسلط والمتمسكة بثوابتها حتى اصبحت هذا الشعوب اليوم ( كا الماسك على الجمر في الحفاظ على قيمها ) وخصوصا المقاومة التي تاخذ حصة الاسد في مسلسل التشوية بعد ان تم تجاوز كل الخطوط الحمراء في كل شىء اذا اصبح التهجم على القيم والدين والاعراف قضية طبيعية تذكرني بما حدث بالعراق نهاية السبعينات وطبعا مع الفارق ( من لم يشرب ويسمع اغاني ام كلثوم وعبد الحليم فهذا رجعي متخلف شروگي ).
اليوم تواجه الامة الاسلاميه والشعوب الحية ومنها العراق والجمهورية الاسلامية وخط المقاومة حرب قد تكون اشد الحروب واقواها واكثرها دمارا وهي الحرب الثقافية والتي تعتمد على التشويه والتحريف والفصل ، فبعد ان كانت الثقافة معرفة وسلوك اصبح اغلب روداها اليوم مجرد حاملين كم من المعلومات المشوة المحرفة يصاحبها سلوك منحرف وتميع وفكار هجينة تعتمد التصنع والتقليد في الكلام والمشرب والملبس والمأكل لتحل (هلو محل السلام عليكم وصباح الفل بدل صبحكم الله بالخير والبركة واصبحت مطالعة الجريدة وفنجان الشاي صباحا اصبحت اليوم السهر للصباح مع الفيس والالف من المنشورات والفديوات والفتوشوب ليخرج الشاب صباحا متعبا منهكا مشوش الافكار ليكون كسولا في العطاء والتفكير منحرفا في السلوك والتعامل منفعلا ومتحسسا من كل ما يحيط به لتفشل المرأه في التربية والمنزل ويتكاسل الرجل في العمل ويقصر الشاب والطفل في التعلم وبذلك تهدد الامة في عقر دارها وبنفس ادوات بنائها لتصبح معاول تهديم تحت ضرائع شتى ناهيك عن العمل الجدي في شراء الذمم واغراء القائمين على امور الامة وتوريطهم بافعال وسلوكيات تكمل صفحة التدمير ونشرالفساد حتى يشاع السلوك المنحرف ويصبح افة مدمرة تهدد الشعب اكثر من افة الامية والفقر ، فقد الاب سلطته والمعلم مكانته ورب العمل مهنيته والسياسي نزاهته
وعالم الدين مصداقتيه.
هذه هي حرب اليوم ضد الشعوب وليس لديها من قوة في سبيل الفوز في هذه الحرب سوى العمل والتفكير الجدي في ابتكار وسائل جديدة متطورة تنبثق من صميم قيمها ومبادئها لمواجة هذه الحرب وعدم الجمود على طرق وساليب الماضي التي لم تعد تصلح للمجابة خصوصا وان ديننا الحنيف دين كل العصور وفيه ما يعالج كل تلك الخطط ولكن نحتاج الى نفير ثقافي قيمي ملتزم وواعي وعي حقيقي لحجم التحدي وخطط المعركة وخصوصا من جيل الشباب لذلك ماعلينا الا ان نستنفر كل الجهود لثورة ثقافية قيمية ساحتها الشباب تعتمد اولا على ايقاف هذا التداعي الخطير ثم العمل على التحصين والدفاع عن جبهة المقاومة باعتبارها المصد الاول في ساحة المجابهة ومنه ننطلق على تحقيق التطور والرقي بوعي ودراك ملتزم وما الحرب اليوم على على الدين والعلماء والمقدسات والمقاومة ماهو الا لتهديم اخر قلاع الشعوب الاسلامية ومنبع اصالتها وقيمها وسر قوتها وقد وعد الله المؤمنين بالنصر اذ قال ( ان تنصر الله ينصركم ويثبت اقدامكم ) فلا طريق لنا للنجاة سوى العودة الى الله والدين والعلماء الربانين وتمسك بهم والالتزم بنهجهم الرباني والمحافظة على القيم والاعراف الصحيحة التي تنسجم مع روح الدين والعصر والتطور ( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون ).
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha