مالك العظماوي||
يشعر المرء بالدهشة والحيرة مما حصل في مجتمعنا العراقي في السنوات الاخيرة المنصرمة، حيث تبدلت المفاهيم وتغيرت الموازين لدى بعض الناس من حيث يشعرون أو لا يشعرون. فقد أصبح الحق باطلا والباطل حقا، والشجاع جبانا والجبان شجاعا، والوطني عميلا و (ذيلا) و (الذيل) وطنيا.. الخ. فلم نرَ تبدلا في المفاهيم كالذي حصل في أيامنا هذه، كما لم نسمع بذلك في آبائنا الاولين أن تغيرت الدنيا بهذا الشكل العجيب والغريب. فمن يسب ويشتم الحشد الشعبي ويحرق مقراته فهو وطني بامتياز، ومن يدافع عن الأرض والعرض فهو عميلا و (ذيلا)!
والادهى من هذا كله، فإننا نسب ونشتم من ساندنا عند الشدائد، وأمدنا بالسلاح والعتاد واستشهد رجاله على أرضنا وننعته بأبشع النعوت إرضاء لعمقنا العربي!! فعن أي عمق عربي تتحدثون؟ عن الخزي والعار الذي جلبه العرب لنا ولتأريخ عروبتنا وذلك بارتمائهم بأحضان الصهيونية وأصبحوا عبيدا وخدما لإسرائيل؟ ألم نرَ تهافت عمقنا العربي لتطبيع علاقاتهم بالكيان الصهيوني تاركين خلفهم أولى القبلتين التي يتبجحون بها بأنهم مسلمون وبها متمسكون؟ فهل نسي العرب علامَ قُتل السادات (حاكم مصر)؟ أليس لأنه جلب العار الى مصر والأمة العربية معا؟ وهل نسي العرب أن فلسطين قضيتهم المركزية؟ فما الذي جرى لتتسابقون من أجل الارتماء في أحضان الامبريالية والصهيونية؟ فماذا حلَّ بدويلات الخليج وهي تهرول بذلٍ وخنوعٍ من أجل التطبيع مع إسرائيل؟ فاذا كان هناك من يجد العذر لمصر والأردن بأنهم دول المواجهة مع العدو وأبرموا صلحا مع العدو، فما بال عربان الخليج يتهافتون هكذا، فهل يظنون أنهم في المواجهة أيضا؟
والان، وبعد كل ما تقدم، أليس هذا عمقنا العربي المخزي والمذل؟ فلماذا تغلق العيون وتصم الاذان وتبكم الافواه؟ لماذا لا ترون الحقيقة؟ وبعد هذا كله فهل هناك من عذر للمغفلين والمغرر بهم والسذج من أبناء وطني؟ ولكننا نقولها بضرس قاطع ودليل ساطع أن الخونة والعملاء هم من باعوا الأرض والعرض للكيان الغاصب وليس من يدافع عن الكرامة والمقدسات، وليس (الذيل) من يحمي عرضك لئلا يستباح من قبل (عمقك) العفن الجبان، وأن من يطالب بتفعيل الاتفاقيات التي تصب في صالح الوطن هو (الوطني) وليس من يطالب بإلغائها ويرغب بتصدير النفط الى الكيان الصهيوني عن طريق (العمق) الخائن والمطبع والواجهة الرسمية للكيان الصهيوني كالنظام المصري والأردني وبني سعود.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha