مازن البعيجي ||
كنت قد وعدت أبنتي بسفرة الى تركيا ، ولكن هذا الوعد مر عليه عام كامل ، وخلال هذا العام حصل سفر مفاجئ الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية رحلة علاج مع احد أقاربي ممن كان لا احد غيري يستطيع أخذه!
وصلنا الى مطار مشهد ليلاً وقد كان لي صديق قد أعطاني تلفون سائق تكسي ومترجم بنفس الوقت ، الوقت متأخر ويقرب من الفجر ولكن كنت مضطراً الى الإتصال به لحالة مريضي الحرجة!
ترددت لكن الوضع كان حاكم اتصلت رن التلفون دون أن يرد ، هممت بفكرة التاكسي الذي في المطار وإذا بذات الرقم يرن علي قال سلام انا بخدمتك قلت انا بحاجة الى مساعدتك عندي مريض وأنا من العراق ، قال حبا وكرامة! امهلني عشرة دقائق فقط!
فعلاً عشرة دقائق اكثر اقل كان عندي شاب ثلاثيني ذي مسحة جمال وبهاء مشرقة بعد أن تعرف علي فوراً ساعدني بحمل قريبي المريض بهمة ورفق ووضعه بالمقعد الخلفي! لكن لم يسألني الى اين اريد قلت له لم تسألني أين اريد قال ليس الآن اسألك صباحا بإذن الله تعالى اخذك الى المكان الذي تريد فقط اصبر! كان يتكلم دون حرج وبروح راضية قلت إذا اين تريد الذهاب الآن؟ تبسم وقال وصلنا يا حاج لا تحمل هم بلسان عربي مشوب بالفارسية .
وصل الى بيت في منطقة جميلة قال تفضل هذا بيتي ، فوراً فتح الباب وادخل قريبي المنهك من التعب والمرض وفورا وضع له وسادات على فراش جميل على الأرض وفتح التدفئة التي تعمل على الغاز . قال يا حاج هذه المغاسل ونحن نقترب من الفجر تهيأ للصلاة وأنا سوف اغيب لحظات عنكم .
شعرت باحراج وانا اربك هذا الشاب في وقت متأخر دونما يعرفني او يسألني او يفتح حوار كثيراً معي .
صليت الفجر وصلى قريبي من جلوس وبعد ذلك جاء لنا بالأكل وكانت أصناف من اجبان وعسل وحليب قال حتى بعد الافطار تاخذون قسطا من الراحة والصباح رباح تصرفه كان رائعاً واخلاقياً بامتياز .
نمت ورفيقي الذي نام نوماً عميقاً بعد رحلة السفر .
وفي الصباح وحوالي الساعة العاشرة صباحاً ذهبنا الى مستشفى الامام موسى الكاظم عليه السلام وهو مستشفى كبير وواسع وجميل والحدائق والورود تملأ المكان ، ذهب المترجم الى طبيب في مقصورة ونحن في الإنتظار وبعد حوالي الربع ساعة دخلنا قام الطبيب من مكانه مرحباً بنا عبر المترجم وهو يسأل من أي بلد من العراق قلنا من النجف الأشرف قال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورقت روحه .
وبعد أن اطلع على تقارير وفحص سريري طلب منا تحاليل إضافية وبعض الأشعة كلها في مبنى المستشفى ولكن بأماكن متفرقة ، وعندما اكلمنا بعضها كان وقت الصلاة الظهر قد حل ، ذهبنا الى مسجد المستشفى وكان مكاناً جميلاً ومهيباً وروحانياً وفي المسجد أمام جماعة لأن الصلوات كلها جماعة في هذه الدولة المباركة توافد الكثير على الصلاة أطباء ومراجعين وغيرهم حلقنا بالصلاة نحو الله سبحانه وتعالى وكلنا ينشد شفاء مريضه ورفع بلواه!
تذكرت مرة سافرت مع جماعة معي في العمل الى تركيا وكنا في احد الجزر للترفيه تذكرت كم امرأة شبه عارية شاهدت وانا اصلي صلاة جوفاء لم اشعر وقتها انها قبلت لانها على ارض طالما كانت عليها منكرات وشياطين! مقارنة لا اعرف لماذا حصلت فور سماع صوت الدعاء الذي ابكى الحاضرين جميعاً ونحن نستغيث بصاحب العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
بعد ذلك رجعنا للطبيب في اليوم التالي ومعنا التقارير فقال الطبيب نحن في مشكلة اكبر من مشكلة القلب وقد تكون مشكلة القلب هينة! الحاج كليتيه متوقفتان عن العمل واليوريا صاعدة وهذا قطعا يمنع من اجراء اي عملية فضلا عن عملية القلب الخطرة!
صدمنا؛ إلا المترجم يهمس لي لا تخف أنت بأرض الرؤوف الضامن الرضا عليه السلام ، هناك حل ومحاولة! ولم اعرف ماذا يريد القول والطبيب شبه يائس! خرجنا فقال المترجم لدي محاولة فاخذنا الى الحرم قال اذهبوا الى الإمام وبثوا له شكواكم وبعدها سوف نذهب الى دكتور أعشاب لا يعمل خلطة إلا بعد الإطلاع على التقارير فأعطيناه التقارير فعلاً دخلنا للإمام توسلنا وبكينا وشعرنا بطاقة إيجابية .
ذهبنا للعشاء الطبيب بعد الإطلاع على حال قريبي والتحاليل قال ان شاء الله تعالى علاجه سهل يسير ولكن عليكم الإلتزام بما اقول حرفيا ، أريد ثلاث مرات في اليوم أن تعملوا له عصير من سيقان الكرفس وهي سيقان طويلة نعصرها ويشربها مع بعض الفواكه المخصصة لهذه العملية ، وبعد خمسة ايام بفضل تعالى رجعت كليتيه تعملان بصورة جيدة ونزلت اليوريا للحد الطبيعي، بعد ذلك رجعنا للطبيب وحدد لنا العملية وقد أخذ من رجله اليسرى شرايين وزرعها في قلبه المتعب وبعد ايام شعر بتحسن كبير ونوعي فقال الطبيب الآن بإمكانه ان يخرج الى البيت او الفندق مع مراعاة التالي .
صرنا بالفندق كل يوم يتحسن بفضل اخلاص الطبيب الذي بذل جهداً وصبراً كبيراً ، صار المترجم يأخذنا الى الأماكن المقدسة والى الحدائق والأماكن العامة للترفيه ، وهناك رجعت اقارن بين ما شاهدته بتركيا البلد الإسلامي بالإسم وبين بلد يحمل اسم الإسلام بكل معنى الكلمة حيث المنظر والحجاب والقيم التي تراها في سلوك السياح الإيرانيين دون خوف الذنب كما حصل معنا في تركيا ولاكثر من مرة حتى شعرت انها سفرة شيطانية لم استطع الصمود فيها وخسرت طوال الرحلة روحانيتي التي ازدات الآن في مثل بلد إيران الإسلامية ..
لن أخذ عائلتي ولن اسافر لغير بلد طيب الله تعالى هواءه النقي كما طيب روح اهله بعشق العترة المطهرة عليهم السلام حتى صار كل شيء تراى فيه تعالميهم والأخلاق .
ويوماً سألت المترجم كيف لك هذا النفس الطويل في التعامل مع المرضى وأنت تبذل جهد غير طبيعي؟! قال أنا اول مرة ازور العراق في الأربعينية الماضية وما شاهدته لا استطيع وصفه او تخيله ونحن نأكل ما لذ وطاب على طول مائدة وسفرة من البصرة الى الحسين عليه السلام أثر بي ذلك واخذت عهدا لن اترك الخدمة التي اقدمها بروح الحسيني الذي يحاول يرد الفضل للعراقيين الشرفاء وهم يسكنون البر والطرق الوعرة وعوائلهم من أجلي واجل شعبي لذا مهما قدمت سيبقى العراقي الحسيني متقدم بعشرات السنوات غني ..
رحلة لم تكن لقلب قريبي ومرضه بل كانت لقلبي الذي تغير بفعل أخلاق أهل البلد لا عملية قلب مفتوح ..
قناتي المتواضعة : هي محض قناعاتي التي هي تحصيل حاصل تزوّدت به ممّن هم أعلى منّي مرتبة وأكثر علماً، يشرّفني أن تنضمّوا إليها...
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha