أ.د. عليّ الدّلفيّ
في الجوهرِ، يجبُ أنْ تكونَ (الثّقافةُ) شريفةً؛ ليسَ لأنّها روحُ البشريّةِ وخِزانُ ثروتِهَا المعرفيّةِ والأخلاقيّةِ والذّروةُ الجماليّةُ للفكرِ والعقلِ؛ بَلْ لأنّها الملاكُ الحارسُ والسّدُّ المانعُ الذي يقفُ في وجهِ القباحةِ والشّرِّ. لكنَّ مهنةَ (الثّقافةِ) قَدْ تكونُ؛ أيضًا؛ أقربَ المهنِ إلى قلّةِ الشّرفِ والغدرِ. وَقَدْ أحسنَ (لينين) حينَ وصفَ (المُثقّفينَ) بأنّهم: (أقربُ النّاسِ إلى الخيانةِ).
الإشكالُ؛ هُنَا؛ ليسَ في وجهاتِ النّظرِ المُختلفةِ، أو في سوءِ الفهمِ أوْ الإدارةِ والتّنظيمِ، ولا هو مجرّدُ صراعٍ (بشريّ/ اقتصاديّ) على السُّلطةِ والجاهِ وفتاتِ الثّروةِ حسب، بَلْ هو؛ أوّلًا وقبلَ كلِّ شيءٍ؛ مأزقٌ أخلاقيٌّ إنسانيٌّ. فالثّقافةُ؛ في جوهرِهَا؛ عمليةُ كفاحٍ مستمرٍّ لتحريرِ البشريّةِ من الظّلمِ والعبوديّةِ، بأشكالها المختلفةِ، المادّيّةِ والمعنويّةِ، والدّفاعِ عن قيمِ الإنسانِ وحقوقِهِ الفرديّةِ والجماعيّةِ الأصيلةِ والمُكتسبةِ التي تمَّ إنجازها تاريخيًّا؛ مثل: حقُّ الحياةِ والحرّيّةِ والسّكنِ والعدالةِ والكرامةِ والمساواةِ والمعرفةِ والمشاركةِ والعملِ… فأيّ ثقافةٍ تلكَ التي تقفُ مَعَ الاستبدادِ والاستكبارِ والعمالةِ والقتلِ؟!!
وَهَلْ يمكنُ للثقافةِ أنْ تكونَ (طائفيّةً)؛ أوْ (عميلةً) صهيونيّةً؛ أوْ أمريكيّةً؛ أوْ بريطانيّةً؛ ... ؟!
ـــــــ
https://telegram.me/buratha