أ.د. عليّ الدّلفيّ ||
حكومةُ الكاظميّ؛ التي وُلِدتْ من رحمِ الأحزابِ الفاسدةِ؛ وفي ظلِّ ظروفٍ اجتماعيّةٍ مُعقّدةٍ؛ وبرعايةٍ (أمريكيّةٍ_بريطانيّةٍ) واضحةِ المعالمِ؛ وهي نتاجُ حِراكٍ احتجاجيٍّ خليطٍ غيرِ مُتجانسٍ ومتعدّدِ الأهدافِ والدّوافعِ؛ تَشِنُّ حربًا طاحنةً وضروسًا ضدَّ الشّعبِ العراقيّ بكلِّ طبقاتهِ وشرائحهِ الاجتماعيّةِ والوظيفيّةِ!
وأؤكّدُ؛ لَكُمْ؛ بأنّها تشنُّ حربًا على كلِّ طبقاتِهِ الاجتماعيّةِ؛ وما تصريحاتها بشأنِ دعمِ الفقراءِ والمعوزينَ والكسبةِ وأصحابِ الدّخلِ المحدودِ؛ وأنَّها سوف تدعمُ الرِّعايةَ الاجتماعيّةَ لا يعدو كونهُ (شعارات برّاقة وخطابات رنّانة) ينطبقُ عليها المثلُ القائلُ: (أسمعُ جعجعةً ولا أرى طحينًا)؛ ويقابلها بلغتنا الدّارجةِ: (قابل الحچي بفلوس)! والسّببُ في ذلكَ أنّ تعويمَ الدّينارِ العراقيّ وتخفيضَ قيمتهِ الشّرائيّةِ مقابل الدّولارِ ورفعَ سعرِ صرفهِ بهذهِ الزّيادةِ الفاحشةِ سيزيدُ الفقراءُ فقرًا والكسادُ كسادًا والبطالةُ بطالةً والانهيارُ انهيارًا والفسادُ فسادًا!! إذْ إنَّ زيارةَ سعرِ صرفِ الدّولار مرتبطٌ بكلِّ مفاصلِ حياتنا اليوميّةِ؛ بمعنى آخرَ أنَّ كلَّ التّعاملاتِ التّجاريّةِ والاقتصاديّةِ تجري بالدولارِ!!
لهذا أقولُ:
١/ إنَّ ارتفاعَ سعرِ الدّولارِ يسبّبُ في ارتفاعِ أسعار ِكلِّ شيءٍ حولكَ منْ رغيفِ الخبزِ؛ والغذائيّةِ؛ والملابسِ؛ والأدويةِ؛ إلى السّيارةِ..وغيرها!
✋فَهَلْ يُستثنى مِنْ ذلكَ الفقيرُ؟!
٢/ يستوردُ العراقُ (٩٥٪) من حاجاتهِ الاستهلاكيّةِ والغذائيّةِ والعلاجيّةِ والصّناعيّةِ؛ وهذهِ الحاجات سوفَ ترتفعُ بمقدارٍ أكبر َمن ارتفاعِ الدّولارِ لتعدّدِ حلقاتِ الاستيرادِ والبيعِ؛ إذْ منَ المعلومِ الثّابتِ لدينا أنَّ الحكومةَ قد تنازلتْ عن واجباتها تجاه المواطنِ باستيرادِ هذهِ الحاجاتِ ودعمها في السّوقِ المحلّيّ مُنْذُ زمنٍ بعيدٍ؛ وتركتها عرضةً لابتزازِ التّجّارِ الحيتانِ الذينَ تربطهم علاقات مشبوهة بالسّياسيّينَ الفاسدينَ حتّى أصبحتْ موردًا منْ مواردِ اللجانِ الاقتصاديّةِ الحزبيّةِ! وما أكثرها!!
✋فَهَلْ يُستثنى مِنْ ذلكَ عامّةُ النّاسِ؟!
٣/ مِنَ الخزي والعارِ أنْ تتّخذَ دولةً محترمةً قرارَ تخفيضِ العملةِ الوطنيّةِ؛ وهي تسبحُ في بحرٍ منَ النّفطِ والغازِ والكبريتِ... وغيرها.
وهَلْ تعلمونَ أنَّ العراقَ الدّولةُ النّفطيّةُ الأولى التي خفّضت قيمةَ عملتها بِدعوى الأزمةِ الماليّةِ! وقد غضّتِ النّظرَ عن كلِّ الفسادِ المتراكمِ ورموزهِ!
✋فَهَلْ يقبلُ بذلكَ أحدٌ؟!
٤/ مِنَ المُخزي والمعيبِ أنْ تسوّغَ الحكومةُ رفعَ سعرِ صرفِ الدّولارِ؛ بالمقارنةِ بالدّولِ المجاورةِ وهي تقصدُ (إيران وتركيا) الدّولتينِ اللّتينِ تصنعانِ كلَّ شيءٍ مِنَ (الإبرة إلى الصّاروخِ)!! ولا يؤثّرُ سعرُ الدّولارِ في حياةِ الشّعبِ!!
ولماذا لا نقارِنُ بالدّينار الأردنيّ والرّيال السّعوديّ؟!
✋ فَهَلْ تخجلونَ مِنْ أنفسكم؟!
٥/ والضربةُ القاسيةُ جدًّا التي تستهدفُ الإجهازَ على أكبر شريحةٍ من المجتمعِ العراقيّ؛ وهي شريحةُ الموظفينَ؛ والتي تمثّلُ مع المستفيدينَ من رواتبها حوالي نصف الشّعبِ العراقيّ.
والقرارُ الذي اتّخذته الحكومةُ المُتمثّلُ برفعِ سعرِ صرفِ الدّولارِ؛ وفرضِ الضّرائبِ التّصاعديّةِ على عامّةِ الرّواتبِ سيؤدّي؛ حتمًا؛ إلى اتّساعِ رُقعةِ الفقرِ والجوعِ والعوزِ والحرمانِ؛ لتشملَ أغلبُ الشّعبِ العراقيّ! مِمّا سينعكسُ؛ سلبًا؛ على حركةِ السّوقِ بعمومهِ! وسيزدادُ الكسادُ ويضعفُ العملُ؛ وبالتالي سيؤثرُ كلُّ ذلكَ؛ سلبًا؛ في عملِ (الكاسبِ) بمختلفِ مِهَنهِ! فسائقُ (التكسي)؛ وصاحبُ المحلِ؛ واليدُ العاملةُ؛...إلى آخره؛ وسيعانونَ مِنْ شَحّةِ العملِ! وضعفِ القدرةِ الشّرائيّةِ!
✋فَهَلْ يُستثنى مِنْ ذلكَ أحدٌ؟!
٦/ والضربةُ الكبيرةُ الأخرى التي تستهدفُ الاقتصادَ العراقيّ ونموّه؛ هي توقّفُ الشّركاتُ العالميّةُ عنِ العملِ؛ وعدمُ إمكانيّةِ التزامِ الحكومةِ بتعاقداتها السّابقةِ واللّاحقةِ لأهمِّ المشاريعِ الانتاجيّةِ والتّجاريّةِ والاقتصاديّةِ؛ مثل: (مشروع الفاو الكبير) الذي يُنتظرُ منهُ الكثيرُ؛ ويُعوّلُ عليهِ بصورةٍ رئيسةٍ في دعمِ الاقتصادِ العراقيّ ونموّ تجارتهِ وتعظيمِ مواردهِ الماليّةِ وتخليصِ العراقِ من نظامهِ الريعيّ الذي يعتمدُ بالدّرجةِ الأساسيّةِ على النّفطِ؛ وإحلالِ محلّهِ (تجارةِ البضائعِ والسّلعِ عبر طريقِ الحريرِ)!
كما أنَّ زيادةَ سعرِ الصّرفِ وتقليلَ كمّيةِ تصديرِ النّفطِ يؤدّي إلى توقّفِ المشاريعِ واندثارها وانهيارِ الاقتصادِ وخسائرَ كبيرةٍ للدولةِ!
✋فَهَلْ مِنْ مُتَّعِظٌّ؟!
لِمَا تقدّمَ فإنَّ (المواطنَ العراقيّ) بشرائحهِ المُتعدّدةِ سَيُقْضَىٰ عليهِ عاجلًا أمْ آجلًا؛ (مدنيًّا كانَ أمْ عسكريًّا)؛ (أستاذًا جامعيًّا أمْ معلّمًا)؛ (موظّفًا أمْ كاسبًا)....إلى آخره.
والسّببُ؛ كما قُلنا؛ إنَّه سيفقدُ جزءًا منْ قيمةِ راتبهِ منْ جرّاءِ ارتفاعِ سعرِ الدّولارِ؛ ويفقدُ مرّةً ثانيةً جزءًا من راتبهِ منْ جرّاءِ استقطاعِ الضّريبةِ التّصاعديّةِ؛ ويخسرُ مرّةً ثالثةً بسببِ زيادةِ أسعار ِالحاجاتِ والسّلعِ والأدويةِ والغذائيّةِ ... وهلّم جرّا نتيجةَ زيادةِ سعرِهَا.
✋وأخيرًا.. فَهَلْ يُستثنى مِنْ ذلكَ أحدٌ؟!
هِيَ حربٌ مُدَمِّرَةٌ ومُهْلِكَةٌ على (المواطنِ العراقيّ)؛ ليعودَ إلى أتعس منْ أيّامِ قبل (٢٠٠٣)؛ لكنّها حربٌ خاسرةٌ إنْ شاءَ الله... .
الخِزيُ والعارُ والشّنارُ الأكبرُ مِنْ كلِّ ما سبقَ هو تركُ حيتانِ الفسادِ تسرحُ وتمرحُ في بلدٍ اُستبيحَ فيهِ كلّ شيءٍ؛ فذاكَ سرقَ (١٠) مليارات دولار؛ وهذا سرقَ (٥) مليارات؛ وآخرُ سرقَ (٥٠) مليار دينار! وشركاتُ النّقّالِ يُخفضُ لها جناحُ الذّلِ؛ وَيُغَضّ النَّظرُ عنْ دينِ الدّولةِ لها المقدّرِ بأكثر من (١٠) مليارات دولار! وَيُجدّدُ لها الرّخصةُ بعمليّةٍ مريبةٍ تكادُ تكونُ أكبرَ فضيحةٍ للحكومةِ مع أنَّ هذهِ الشّركاتِ تقدّمُ أسوأ خدمةٍ وأغلى تعريفةٍ في العالمِ!
✋فَهَلْ مِنْ موقفٍ وطنيٍّ خالصٍ لا يُبْتَغَى مِنْهُ تأسيسُ حزبٍ أو الاِرْتِمَاءُ في حِضْنِ سفارةٍ أو إرْضَاءُ جَارٍ؟!!
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha