مازن البعيجي ||
عرفتُ فيما بعد تلك الوردة الحمراء التي تُقدَّمُ للشهداء إنها عربون عشق ، وإشارة قبول ، وجرس رحيل .
تقول تلك الزهرة التي أقتطفها يتيم قد استشهد أباه في الدفاع المقدس عن حياض الإسلام المحمدي الأصيل الحسيني المقاوم : -حملني ذلك الطفل رقيق الدمعة ، مهشم الجوانح ، وهو يبحث بين صفوف المصلين عن شخص محلِّقٍ يستحق أن تعانقه تلك الوردة الحمراء التي يحكي لونها الثأر للماضين من الشهداء ،
-تواصل الوردة:
جال بي الطفل وهزّني ، وتكاد خدود أوراقي تتناثر!! هزَّ يده اليتيم باحثا عن ضالته ، حتى جاء للصف المتقدم خلف إمام الجماعة ، ووقف عند أقدام شخص في حالة القنوت غارق ومغمض العينين ، راحل الى ما وراء المعنى ، وكأنه يناجي شيء يشعر به ويعرفه ويحس به ويحاكيه!!
عندما دنا اليتيم منه وشعر به وهو يقدمني له ، نزلت يده كما نزلت يد علي يوم تصدَّق بالخاتم ، وتناولني برفق وحنو ، عكسته روحه التي يطببها بالدعاء والنجوى والتوسل .
اخذني بكفيه وكأنها زجاجة عطر سقطت على رصيف قاسٍ.. فطغى عطر سليماني على عطري ففاح عطر سليماني،
فهوى إلى اليتيم يضمّه ويقبِّله ويشكره لأنه اهداني له ، ولا ادري!! هل انا هديته أم هو الهدية التي تفضلَّ بها عليّ طريق الشهداء؟!
أخبرته همساً ..يا حاج قاسم هل تعرف معنى يتيم يهديك الورود؟! إنه معنى الورود على رياض الخالق المعبود ،وإيذان بالتهيؤ، وحزم ما خف من حقائب السفر وأوان الرحيل ، رأيتها دمعة تنساب من على خده لتسقط بعد ذلك على اوراقي ياألهي!! كم كانت دموعه رقيقة محمَّلة بالشجن. والدمعة تبكي ايضا أنها نزلت من جفنه العارف والعاشق والحنين؟!
أما أنا، لازلتُ اشم عطره ورونق روحه الطرية الى اليوم، ولم يصيبني ما يصيب الورود بعد قطفها ليعرف كل من دنا مني أني احمل عطراً سليمانيًا ، فاض عليَّ من نبع روحه يوم القدر أوصلني الى راحتيه لأشمَّ عبق ماورائي..
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha