مازن البعيجي ||
سبقني في قطار كان يقل الشهداء ممن حصل على اجازة الرحيل ، كان الفارق بيني وبين لقاء جمعني به واحد وثلاثون يوم فقط ، وقتها كنتُ اعانقهُ وامسك يدهُ ، أي كنت اعانقُ شهيداً سيرحل بعد شهر ويوم واحد!
لم يخبرني انه راحل ولاأنا علِمت ، لكن كل قسمات روحه كانت تقول أنني هناك انتظركم ، هناك على باب جنة ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران ١٣٣ .
لانكم حتما قادمون واتمنى لكم قدوم بذات قطار رحيلي!
وبعد عام استبد بي الشوق لهُ فتخيلت أن قطارهُ عاد يبحث عن عشاق راحلون أو تهيؤوا للرحيل! فاخذتني لحظة حلم وهجعة أمنية وتخيلت أنها اخترقت رأسي أو نالت من قلبي لتوقفه اطلاقة لا ادري هل اذمها ام اقبلها ، فهي مطيتي الى عاشق تردد أن يدخل الجنة دون من يعشقوه!
ما اتذكرهُ أني قد اخذني النزيف وتخيلت أن ملابسي اصبحت حمراء من الدم ، واصوات حزينة وقلوب مفجوعة شاهدتها تلطم على الرؤوس كم كانت تلك اللحظة محيرة وقاسية؟! هل ارجع لهم؟! أم امضي لصديق يقف على باب الجنة ينتظرني وينتظر رفاق له يعرفهم ويعرفوه!
مضيت رغم روحي المقطعة وقلبي النازف وعيني التي ترى احبابي المفجوعين لكن لابد من الرحيل ولو تأخر ( فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) آل عمران ٢٥ .
جيء بي لمكان هو محطة الشهداء ومن ختم الرحمن لهم بحسن العاقبة ، لاول وهلة خفتُ وتوجستُ لاني لم ارى احد ينتظر! لكنها لحظات حتى دخل علي رجلين مضطربين كأني بهما يسألان قبل الوصول لي هل جاء؟! قالوا لهم نعم وهو في الداخل ،
دخلا علي ونظرت لهما من بعد وقت طويل ، كان المنظر لنا لا احد يستطيع قصَّه او رسمه فحجم فرحتهما بي كان لا يوصف عناق ووصال وتطبيب، مسح به عني جراح تلك الاطلاقة الغادرة ، وبعد أن استبدل ثيابي بأخرى نظيفة نقية قال لاحد معهُ خذهُ الى الجنة ونحن سننتظر من سيأتي بعده .
-قائدين مهمتهما في الدنيا تفويج المؤمنين نحو العقيدة وفي الاخرة تفويج الشهداء نحو الجنة أنهما سليماني والمهندس! خاطرة تمنيتها وهمسة استحضرت معها ولي العصر لينظرها ..
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha