المقالات

ماذا قدّمَ المُثقّفُ (الدِّينيُّ) ..نَقْدٌ ذاتيٌّ..

1107 2021-01-27

 

أ.د علي الدلفي ||

 

ماذا قدّمَ المُثقّفُ (الدِّينيُّ) الذي يؤمنُ بالدِّينِ ويسعىٰ لأجلِهِ؟ سؤالٌ في غايةِ الأهميّةِ مُقابل مَا قدّمَهُ المُثقّفُ الآخرُ؛ وطرحَهُ في الفضاءِ الثقافيّ العربيّ/الإسلاميّ؛ يقولُ المُفكّرُ حيدر حبّ الله في كتابهِ (أسلمةِ العلومِ) في مَعْرِضِ حديثهِ عنِ المُثقّفِ الدِّينيّ بينَ الرِّساليّةِ والنَّقديّةِ: (وإذا كانَ المُثقّفُ الدِّينيّ يحملُ الهمَّ ويعملُ لتحكيمِ الدّينِ في الحياةِ بالدَّرجةِ التي يؤمنُ بها؛ فإنَّ المطلوبَ منهُ أنْ يحملَ مشروعًا للتغييرِ فيكونَ إنسانًا رساليًّا؛ وأنْ يعملَ لصالحِ المشروعِ هذا؛ أي أنّه مطالبٌ بالفعلِ الإيجابيّ الذي يحقّقُ مشروعهُ وأهدافهُ في المُجتمعِ؛ ومنْ ثَمّ فلا يجوزُ لهُ هدر طاقتهِ بالفعلِ السّلبيّ الذي يستنزفُ ذاتهُ؛ في ردّاتِ فعلٍ أو إسقاطِ مشاريعَ أخرى لا غير.

إنّ ملاحظةً بإمكاننا تسجيلها على المُثقّفِ الدِّينيّ المُعاصرِ وهي أنّه استهلكَ نفسَهُ في نقدِ التَّيّاراتِ السّلفيّةِ أوْ التّراثيّةِ أوْ المدرسيّةِ؛ وأخذَ يلاحقُ مفردةً هنا وأخرى هناك! بلْ صارَ شغلُهُ الشّاغلُ وعملُهُ الدّائمُ تتبّعَ عثراتِ ذلك التَّيّار والعملَ عَلَىٰ نقصها بأساليبَ مختلفةٍ ليسَ آخرها أسلوب الاستهزاءِ والاستخفافِ المعبّرِ عنْ نرجسيّةٍ عاليةٍ وعنْ طاووسيّةٍ غيرِ عاديّةٍ. لَقَدْ أذابَ المُثقّفُ نفسَهُ في ملاحظةِ هذهِ الهفوةِ هنا أوْ تلك السّقطةِ هناك؛ وإذا بهِ ينفضُ الغبارَ عنهُ فيرىٰ أنّه لمْ يحقّقْ شيئًا؛ ولمْ ينجحْ في مدِّ جسورِ العلاقةِ الطيّبةِ معَ مجتمعهِ فبقيَ غريبًا تُهجر حِكَمُهُ؛ ويُتعامىٰ عنْ كلامهِ.

بلْ لَقَدْ ألقىٰ هذا المُثقّفُ بعدَ فشلهِ باللّائمةِ عَلَىٰ التّيّاراتِ الأخرىٰ أوْ عَلَىٰ مُجتمعهِ مُطهّرًا نفسهُ ومُنزّهًا إيّاها عنِ الخطأِ أوْ التّقصيرِ مُستخدمًا؛ عَلَىٰ الدَّوامِ؛ المنطقَ الذي طالما حاربهُ؛ وهو منطقُ المُؤامرةِ وإلقاءُ الفشلِ عَلَىٰ الآخرِ). المُؤامرةُ التي ابتدعها العقلُ العربيُّ الجمعيُّ؛ ليعفيَ نفسهُ مِنْ مسؤوليّةِ التّغييرِ؛ وليضعَ مسؤوليّةَ التّخلّفِ والجهلِ والأحاديّةِ عَلَىٰ الآخرِ! كما يقولُ المُفكّرُ مُحمّد شحرور في كتابهِ (الدّولةُ والمجتمعُ).

أخيرًا تبقىٰ الأسئلةُ الآتيةُ عالقةً: (أينَ مشروعُ المُثقّفِ المُتديِّنِ؟ وماذا يريدُ؟ ولماذا بقيَ هذا المُثقّفُ عاجزًا عنْ تحقيقِ أهدافٍ كُبرىٰ؟ ولمْ يتمكّنْ منْ عبورِ السِّياجِ الدُّوغمائيّ؟). لحينِ الإجابةِ عنها لاحقًا.

الصّورةُ

للشّهيدِ المُثقّفِ (مُحمّد مهدي الحكيم)؛ نجلِ آيةِ اللهِ العُظمىٰ السّيّدِ (مُحسن الحكيم)؛ وهو مِنْ روّادِ الحركةِ التّبليغيّةِ التي نهضَ بها الإمامُ الحكيم؛ ومنْ مُجاهدي العراقِ وعلمائِهِ ومُثقّفيهِ الذين كانَ لهم دورٌ مُهمٌّ في توعيةِ الأمّةِ العربيّةِ والإسلاميّةِ واستنهاضها. كانَ المُثقّفُ الحكيمُ مُؤثِّرًا وفعّالًا في المُجتمعِ؛ وَقَدْ أسهمَ في التّخطيطِ للعملِ المؤسّساتيّ داخلَ العراقِ وخارجهِ؛ وعملَ عَلَىٰ تكوينِ صلةٍ حركيّةٍ عامّةٍ بينَ التّثقيفِ المرجعيّ العقائديّ والتّثقيفِ الاجتماعيّ والتّنظيمِ السّياسيّ. كانتْ أخلاقهُ العاليةُ عاملًا مساعدًا في كسبِ كُلِّ طبقاتِ المُجتمعِ منْ خلالِ علاقاتهِ المُجتمعيّةِ المُتعدّدةِ والمُتنوّعةِ؛ الأمرَ الذي ساعدهُ في الدُّخولِ بينَ كلِّ طبقاتِ المُجتمعِ ومُمارسةِ دورهِ التّبليغيّ والتّثقيفيّ..... . إلىٰ أنْ تمَّ اغتيالهُ في السّودانِ مطلعَ عامِ (1988) برصاصِ البعثِ الصّدّاميّ الكافرِ؛ لتكونَ السّودانُ المحطّةَ الأخيرةَ؛ ونهايةَ جهادِ أحدِ أبرز ِ رموزِ الثّقافةِ الإسلاميّةِ العراقيّةِ؛ وأحدِ روّادِ الفكرِ الإسلاميّ المُعاصرِ في العراقِ والبلادِ العربيّةِ والإسلاميّةِ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك