مازن البعيجي ||
أمرٌ واضحٌ جدًا يُقِرُّ به كلّ عاقل سويّ منصف ،قد تخلّص من الحقد والأنانية والحسد ، أن قيمة مثل الحاج "قاسم سليماني"ذلك الرجل الفدائيّ ،الواهبُ نفسه للإسلام المحمدي الأصيل الحسيني المقاوم ، وقد فنى كل وجوده ولم تأخذه في الحق لومة لائم، يتنقّل بين ثغور المقاومين المسلمين دون حساب لخريطة الأستكبار واتجاهاتها، وتقطيع أوصال حدود الجغرافيا بقوانين وضعية، أصبحت بعد وقتٍ بمثابة آيات قرآنية عند الجهلة والفارغين من روح الإسلام وتعاليم العترة المطهرة عليهم السلام يحتجّون بها لإسكات الخصم . سليماني:شخص ارتوى جَنانَه من مَعين السماء الصافي النقيّ ليكون حجّة على كل أحد عدا المعصوم ، من أن التقوى الاكتسابية ، والحفاظ على النفس من الوقوع بالحرام وطهارة الروح أمر هيّنُ المنال وليس كما يظنّ من هُدِمت لهم حصون التقوى بعد تصويرها أنها من شأن العرفاء والاولياء!! فسقطوا في بحر الرذيلة! ساءَ مايظنّون
إن الشهيد سليماني المؤمن الذي عُنيَ واعتنى بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها، ويعانِدُ رغباتها في محبة الله ولأجله "عزوجل" "فكان مِصداقًا لقول أمير المؤمنين "عليه السلام " وهو القائل: (حارِبوا هذه القلوب فأنها سريعة العِثار) فلقد استقى معرفة التكليف الشرعي من منبع نهج آل محمد "عليهم السلام "حتى أضحت شخصيته مرآةً للصدق والإخلاص والورع فضًلا عن المحافظة على الثوابت من الشريعة والحذر من أي شبهة خشية الوقوع بما لايرضاه الله ، او ما يبعده عنه "سبحانه"
رجل خاض معارك الجهاد الأكبر "جهاد النفس" منذ صباه ،متمثّلًا قول المعصوم عليّ "عليه السلام" (غاية المجاهدة ان يُجاهدَ المرءُ نفسه )
أجل !! فلقد حارب نفسه حتى شهِد له القاصي والداني والقريب والبعيد بانتصاره على الأهواء والنفس والدنيا!! فقد أدرك الصلاة الواعية وفلسفتها وما يترتّب عليها من آثارٍ وأسرار في حركة المؤمن ، فلم يشغله شيء عنها حتى في أحلك الظروف سيما ظروف الحرب وأزيز الرصاص متخذًا من يوم العاشر نهجًا ، يوم أقام أمامُنا الحسين "عليه السلام" الصلاة ظهر يوم العاشر من محرم تحت غزارة السهام والرماح ،وكان يوم النحر فداءًا للصلاة .
هذه الروح المعبّقة بعطر الجنان، الموسومة بعلائم الملكوت ، مُحالٌ نسيانها ،بل وغير واردٍ على جدول أعمال الزمن لمن يريد التزوّد من نهجِه الاستثنائي المعجز والمتفرد في زمن الصخب، وفوضى العقول، وعشوائية الحركة ، وتذبذب السلوك، وفي كل هذا الزخم، تراه قد شرى الدنيا بما فيها من مغريات ومتاع ليختمَ هذا الجهاد والمقاومة بالشهادة!
الشهادة التي هي ثمرة جهادين ، الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس والجهاد الاصغر جهاد الاعداء ومواجهة الانحرافات واهل الباطل المتمثّل بالجبابرة والطواغيت والاستكبار العالمي وأدواته.
الشهادة هي الوسام الذي يزيّنُ صدور خاصة أولياء الله حيث الباب التي فُتِحت لهم استحقاقًا وتشريفًا وهي وعدٌ من ربّ العزة والكمال لكل صادقٍ عاشق لله تبارك وتعالى وللنهج الأصيل لآل محمدٍ "عليهم السلام" وأتباعهم بأخلاص.
شهادة عزٍّ مَدعاة للفخر والتأمل والوقوف عند كل تفاصيلها ومفاصلها المثيرة ، علّ المتأمّل يحضى بنفحةٍ من نفحات مقامات الحمد للشهداء ليُدِلّوا عشاقهم على باب الخلد لعلهم يلتحقون ، فأيُ كرامة ياشهيد المرحلة أيها العارف الوليّ وقد استوطنت القلوب وكنتَ لها خير هادٍ ودليل!! ولاعجب في البين .فهكذا يكرَّمُ الشهداء في الدنيا قبل الاخرة، إنّها البشرى للخلود .
(إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)فصّلت 30
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
ـــــ
https://telegram.me/buratha