مازن البعيجي ||
أكثرُ من محطةِ تأمّلٍ وجولةُ تفكير، تدفع كل ذي عقل الى التساؤل عن صلابة وثبات الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة، وهي تخوض حربَ وجودٍ مع كل طواغيت العالم والظالمين والعملاء منذ بزوغ فجرها المبارك . الأمر الذي يدفعنا للتأمل والبحث عن سرِّ هذا الخلود والتثبّت والتوسّع ، رغم كل محاولات الوأد! وايضا مع فرض الحصار بكلّ أبعاده ،فكل ذلك لم يستطع إيقاف عجلة تقدّمِها! بل، ساهَم في دفعِها للأمَام ، فكلما زاد الضغط على هذه الثورة كلما زادت عنادا وصعودا ، مما تمكنت من تشييد قلاعٍ حصينةٍ مستفيدة من كل فرص التهديد ، لتحوّل مخاوفها الى يقظة، وتخطيط الاعداء الى مشاريع تنمية مختلفة ، تدعم بها جبهتها الداخلية وتقوّي عناصر الضعف في مجالات واسعة ، فتمخَّضَ من ذلك كلّهِ عنصرُ الاعتماد على طاقاتها واستحصال الاكتفاء الذاتي في كل مفاصل الثورة التي وَلَدَت بعد مخاضٍ عسير دولة عظيمة بنهجٍ أصيل ، يجعل من العدو مذهولا لايقدر على المواجهة إلا من خلال الغدر والقنص، علّه ينالَ مآربه الخبيثة ، ولكن هيهات!!
الاعجب من ذلك: أن الدول التي تحاصرها وتفكر في تحجيمها ، ليست دولًا فقيرة او بسيطة،إنما دولًا حققت تقدّما في المجالات المختلفة وتميّزت بارتفاع مستوى الانتاج والمعيشة ! إضافة إلى ماتملك من قدرات عسكرية وأمنية ومخابراتية وعلى مستوى الاقتصاد والتنمية! فضلًا عن التعاون الدولي بين دول الإستكبار ودول العالم العربي ، مما يعزز إمكانياتهم على مستوى التخطيط والتآمر على الثورة الفتيّة وبمعاونة دول المنطقة وملوك الخليج العبري ووكلاء إسرائيل في الدول المجاورة.
ورغم ذلك، نجد أن الدولة الإسلامية في ايران قد حطمت كل المقاييس وقلبت المعادلات بصمودها في وجه العقوبات وإظهار التحدي في الاستفادة من خيرات بلادها واستثمارالمشاريع على مستوى الاقتصاد وغيره ، للحدّ الذي جعلها تمدّ يد العون والدعم الى كل مستضعفي العالم دون النظر الى الدين والعقيدة واللون! هذه الممارسة الإنسانية السلوكية النقية الذي سارع بعرضها الى العالم وتقديم بطاقتها التعريفية التي بدأ العالم ينحني لها إكرامًا ،ولحقّها اعترافًا ، ذلك الحق الذي تدافع عنه بالمنطق والحجة والبرهان الواضح لا بقوة السلاح والتهديد والترويع .
وهذا الفيض الإلهي والقدرات والأمكانات ، لا يمكن ان تكون دون تدخل يد الغيب الذي شكّل سرًا سماويًا لايعدو كونه إعجازًا أفاض به الله تعالى على أولئك الذين استقاموا على الطريقة بالتوكل على الله والثقة به وهذا أصل الطاقة الممنوحة التي أوصلتها للعام ( ٤٢ ) وهي تصارع أمواج متلاطمة في بحر من المخططات والمؤامرات النوعية، ولكن بفضل الله تعالى وحكمة القيادة ووعي الشعب المتفاني قد حالت دون تمريرها فمزّقت خرائط الدسائس وأبطَلَت سحر السحرة !
وهذا الأمر نستطيع الوقوف على سرّه ونحن نُصغي الى نفحات المؤسّس روح الله الخُميني العظيم العارف والتقوائي والمتوكل بالشكل المذهل حيث قال : ( كانوا في غفلة عن المشيئة الإلهية! وحده الله الذي كان وراء تلك الثورة ، لذا فهي معجزة إلهية ) . دليل قطعي يفسر لنا سر هذا النجاح المعجز والثبات الأعجب ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد ٧ .
ولعلّ اعتراف كل المعسكر الغربي في اول حصولها ولحد الآن هو دليل اخر على انَّ دولة الفقيه تتمتع بفيض إلهي وروحانية قل نظيرها . وقد كشفت الوثائق التي تم الاستيلاء عليها أثناء احتلال السفارة الأمريكية في طهران أن المسؤولين الأمنيون يردّدون ( لقد دمّرت هذه الثورة والافرازات التي نتجت عنها كل وجودنا وشتّتت قواتنا ، واحالت منظومتنا وخططنا ومناهجا الى عدم وفناء )
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِين} [العنكبوت: 69].
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha