يوسف الراشد ||
يعاني العراق ومنذ مئات السنين من مشاكل مستديمة حول ترسيم الحدود مع دول الجوارالتي لها حدود مشتركة مع العراق ( فتركيا وايران والكويت والسعودية والاردن ) لها اطماع توسعية بالارض العراقية فبعد انتهاء وندحار الامراطورية العثمانية وتقسيم الغنائم بين الحلفاء فكان العراق من حصة بريطانيا العظمى التي كان لها الفضل في ايجاد هذا الخلاف بعد خروجها من العراق وتتويج فيصل الاول ملك على العراق .
فتركيا لها اطماع في شمال العراق وتدعي تبعية الموصل وكركوك وسنجار للاراضي التركية والكويت لها اطماع في خورعبد الله والفاو وايران لها مشاكل حول ترسيم شط العرب والسعودية ابتلعت الخط والمنطقة الحيادية بينها وبين العراق اما الاردن فقد اقتطع صدام جزء من اراضي الانبار واعطاها هبه ومكافئة لهم .
وتقوم الحكومة التركية بين فترة واخرى بشن غارات جوية على الشريط الحدودي بينها وبين العراق مدعية انها تلاحق افراد وزمر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق والذين يتخذون منه ملاذ امن وأقامة معسكرات تدريب ومخابىء اسلحة لضرب القوات التركية من داخل الاراضي العراقية وان استمرارهذه العمليات وملاحقة زمر حزب العمال حتى قضاء سنجار العراقي لم تتوقف وان الحلم التركي باعادة الامبراطورية العثمانية واسترجاع اراضي العثمانيين لازال يعشعش في عقول الساسة الاتراك .
وتتعرض مناطق وقرى عراقية واسعة في دهوك واربيل وقضاء العمادية وقرى جيكان ولانه وكونده روس وبعشيقة وبلدة حاج عمران الحدودية مع إيران وسهل نينوى وسنجار لقصف تركي جوي ،، ولم تسلم الاراضي الزراعية من الحرق فقد حرقت مساحات واسعة من المحاصيل الزراعية وهلاك وقتل عشرات المواشي والابقار وسقوط العديد من الدور السكنية على رؤوس ساكنيها اضافة الى سقوط الشهداء والجرحى من المواطنين الابرياء .
وقد ابلغ الرئيس التركي اردوغان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بنية تركيا اجتياح الاراضي العراقية في نينوى وسنجار وانه اخذ الضوء الاخضر من الامريكان وانه عازم على تنفيذ هذا الامر وفي المقابل فان ردود افعال الجانب العراقي من حكومة او برلمان لم ترتقي الى مستوى المسؤولية ولم يتم استدعاء السفير التركي في العراق او تقديم احتجاج واستنكار في الامم المتحدة والجامعة العربية ولم يصدر أي تعليق من الجانب العراقي لهذه العمليات العسكرية .
وبقت القوات التركية تصول وتجول في الاراضي العراقي وهي مستغلة ضعف القرار العراقي وتواطىء وخيانة الاقليم والخلافات الداخلية والتقاطعات السياسية بين الاحزاب كما وان لعدم تواجد القوات الحكومية العراقية من الجيش والشرطة والقوات الامنية الاخرى على طول الشريط الحدودي سهل لتركيا التدخل والتواجد العسكري في هذه المناطق .
وعلى الرغم من الزيارات واللقاءات المتبادلة بين بغداد وانقرة فقد زار رئيس الوزراء العراقي تركية قبل اكثر من شهر واعقبتها زيارة من الجانب التركي ( خلوصي اكار) وتوقيع الاتفاقيات المشتركة بين البلدين الا ان العمليات العسكرية التركية غير متوقفة حتى الان ،، وهذا لا يعني ان تعطي الحق لتركيا في انتهاك سيادة العراق وان التحركات الأخيرة لقادة الجيش التركي قرب الحدود واستطلاعاتهم دليل على نية التوغل في الأراضي العراقية واقتحام جبل سنجار تمهيد لإنشاء قواعد تركية في الأراضي العراقية دون مراعاة حرمة الجار والبروتوكولات الدولية .
وان عدوان تركي الحالي والذي اخذ اسم (مخلب النسرالثاني )على سنجار لم تأتِ من فراغ بل بنيت على اسس واقعية وحقيقية ومعلومات دقيقة وما سبقها من تان تواجد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق ليس جديدا وهو يمتد الى فترة ماقبل عام 2003 اي منذ النظام السابق وبالتالي فعلى الحكومة اتخاذ موقف من هذه العمليات العدوانية .
على تركيا ان تعي جيدا وتستفاد من الدرس الذي لقنه ابناء الحشد الشعبي عندما دنس داعش ارض الموصل قادما من الاراضي التركية والسورية كيف ان مجاهدي الحشد ارخصوا النفوس والارواح واقتلعوا هذا السرطان الذي اوجدته امريكا وحلفاؤها فان اقدمت تركيا ودنست ارض الانبياء والاولياء فسيكون الحشد هو خصمهم وقد بادرت قوة من الحشد يقودها رئيس اركان الحشد الشعبي الحاج ابو فدك المحمداوي وذهبت إلى سنجار مع 3 ألوية كاملة من ألوية الحشد الشعبي لتستقر هنالك.
الأيّام القادمة مليئة بالأحداث المتسارعة ويبدو أن هنالك إختباراً وطنياً كبيراً وخطيراً جديداً ينتظر العراقيين وهنا نحتاج إلى حنكة سياسية وقوة عقائدية كالحشد الشعبي المقدس لانه هو فقط من يستطيع ايقاف اطماع الاتراك وعلى اردوغان ان لايلعب بالنار ويكتوي بها ويستفاد من الدروس الماضية .