مالك العظماوي ||
للوهلة الأولى فان زيارة (بابا) الفاتيكان تبدو أنها زيارة لها من الأهمية ما ليس لغيرها من الزيارات وخصوصا انها تأتي الأولى من نوعها في تأريخ العراق. وقد اختُلف في مضامين الزيارة وجاءت كثير من ردود الأفعال لِما تنطوي عليه زيارة أهم رمز في الديانة المسيحية في العالم.
أهتم العالم بأسره بهذه الزيارة التي توَّجها الحبر الأعظم بلقائه سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، الذي يشهد له القاصي والداني، والعدو قبل الصديق، بأنه استطاع بحكمته وورعه وحلمه حفظ العباد والعباد من شرور العابثين، وكان أباً لجميع العراقيين دون أن يميز بين طائفة وأخرى، أو جماعة دون جماعة، أو ديانة بعينها دون أخرى.
ولِما لهذه الزيارة التأريخية من أهمية كبيرة، فقد تعددت أهدافها لنشر المحبة والسلام بين بني البشر، وأن تسود العدالة في العلاقات الإنسانية بين الجميع، وبقدر تعدد أهدافها، فقد تعددت نظرة المتابعين لها، فمنهم: من أثلج صدره وجود الامام السيستاني في وقتنا الحالي، ليبهر العالم بأسره ببساطته وحكمته ومحبته للجميع.
ومنهم: من كان حاسدا ومبغضا، كان لا يرغب أن تتم الزيارة، وبعد أن تمت وتحققت الزيارة بأرض الواقع، تغافل عنها وعن أهميتها، ورغب عن ذكرها أو الحديث عنها، وهؤلاء كثيرون، في داخل العراق وخارجه.
ومنهم: من أراد استغلالها لأهدافه، وما يروم الوصول اليه – بغض النظر عن علم البابا بذلك أو عدم علمه – وهؤلاء هم أمريكا ومن يدور بفلكها كالكيان الإسرائيلي والمطبعين معه من حكام الخليج وبعض العملاء العرب الذين سبقوهم في التطبيع مع إسرائيل، وجعلها مقدمة للتطبيع. وكان هؤلاء يرومون استغلال لقاء القطبين البارزين – السيستاني والبابا – من اجل تعزيز ما طرحوه من مشروع العمالة في الشرق الأوسط بما يسمى (باتفاق ابراهما)، وتحت غطاء السلام بين الأديان يدسون التطبيع مع الكيان الصهيوني ويقدمون له فلسطين على طبق جاهز، فأراد هؤلاء استغلال لقاء البابا بسماحة المرجع، إثارة على انها مؤيِدة ومكمِلة لـ (اتفاق ابراهما)!! وأنّى لهم ذلك؟ فقد جاءهم الرد المزلزل من حفيد أمير المؤمنين (عليه السلام)، وإذا به يقلب الطاولة على أمريكا وكيانها وعملائها وهو يردد كلماته الهادرة بوجه البابا ومن ثم بوجه قوى الاستكبار العالمي حيث قال: [يجب على القوى العظمى إيقاف حروبها على شعوب المنطقة وأعمال العنف والحصار والتهجير ولاسيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة].
ان تأكيد سماحة المرجع الأعلى أن على القوى العظمى [أمريكا] إيقاف حروبها، انما هي رسالة واضحة لأمريكا التي يعتبرها سماحته هي التي تقف وراء جميع الازمات في منطقتنا، بحصارها [إيران] وأعمال العنف [بإنشائها داعش وكافة اشكال الإرهاب] والتهجير [طرد الفلسطينيين من أرضهم]، ومن خلال هذا التأكيد من سماحته، فقد نسف جميع الاتفاقات التي جاء لأجلها (اتفاق ابراهما) سيء الصيت.
وبهذا فقد نجحت الزيارة بكل المقاييس، ووصلت الرسالة (السيستانية) من خلال البابا الى الجميع، وكل حسب فهمه لها، و [لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ].
https://telegram.me/buratha