أ.د علي الدلفي ||
مِنَ الموضوعاتِ الخطيرةِ والمُهمّةِ التي رسمتْ حدودَها المَرجعيّةُ الدّينيّةُ العُليا بتفصيلٍ ووضوحٍ ودقّةٍ وإحكامٍ هي: (البصيرةُ والحكمةُ والرِّعايةُ الأبويّةُ).
إذَنْ لماذا لا نجعلُ منها قدوةً حسنةً لنا كـ(مُجتمعٍ عراقيٍّ شيعيٍّ) ومثالًا يُحتذى بِهِ ونسيرُ علىٰ هديها أليستْ هي مركزُنَا وقطبُ رحانا؟! والتّحدّياتُ التي يواجهها (مُجتمعنا)؛ الآن؛ تستحقُّ أنْ نرجِعَ للدّينِ؛ والعقلِ؛ للوصولِ إلىٰ الحِكمةِ والبصيرةِ.
نستذكرُ؛ معًا؛ كيفَ تعاملتِ المرجعيّةُ الدّينيّةُ مَعَ كُلِّ القضايا الحسّاسةِ والأزماتِ الكُبرىٰ التي مَرَّ بِهَا الشّعبُ العِراقيُّ الكريمُ بِكُلِّ قوميّاتهم ومذاهبهم وانتماءاتهم وتوجّهاتهم الفكريّةِ والسّياسيّةِ والحزبيّةِ والثّقافيّةِ... . ونلاحظُ كيفَ تعاملَتْ مَعَ جميعِ (السِّياسيّينَ) و(الزُّعماءِ) الذين قصّروا في خدمةِ جمهورهم؛ ومريديهم؛ وَمَنْ كانَ يؤمنُ بهم؛ حتّى وصَلتِ الحالُ بأنْ يغلقَ المرجِعُ الأعلىٰ بابَهُ بوجوههم؛ مُنْذُ سنواتٍ؛ استنكارًا لتقصيرهم وقصورهم؛ ورفضًا لفسادهم وإفسادهم؛ وهي رِسالةٌ بَليغةٌ مِنْهُ مفادها: (أنْتُمُ لا تستحقّونَ أنْ تكونوا ظُفْرًا في جسدِ الشَّعبِ العراقيّ المُضحّي مِنْ أجلِ وطنهِ وأرضهِ وسمائهِ)؛ فالشّعبُ يختلفُ عَنْ جميعِ السّياسيّينَ علىٰ تعدّدِ انتماءاتهِ السِّياسيّةِ والدِّينيةِ والقوميّةِ والمذهبيّةِ)؛ وخيرُ مَنْ رعاهُ المرجِعُ العظيمُ والرّجلُ الحكيمُ والقائدُ الصّبورُ بَعْدَ أنْ تسامىٰ وعظّم نفسهُ بالتغاضي مِنْ أجلِ الدِّينِ والإنسانيّةِ والتّعايشِ السّلميّ؛ والإخوّةِ وشيوعِ المحبّةِ؛ والألفةِ؛ والوحدةِ؛ والتّماسكِ المجتمعيّ بينَ أبناءِ العراقِ جميعًا.
إنَّ (الشّرَّ) يتربّصُ بِنَا الدّواهي؛ ليفعلَ فعلتهُ؛ إذْ بعدَ أنْ استطاعَ أنْ يفرّقنا ويشتّتْ أهدافنا؛ يسعىٰ الآن لأنْ يسودَ علينا مرّةً أخرىٰ!!
وفي الوقتِ الذي نرىٰ فيهِ صوتَ الحكمةِ وعينَ العقلِ (المرجعيّةَ) تسعىٰ لاستثمارِ المُشتركاتِ الإنسانيّةِ كمنطلقٍ لنبذِ العنفِ ونشرِ ثقافةِ التّعايشِ السّلميّ بينَ مُختلفِ التّوجّهاتِ الفكريّةِ والعقائديّةِ والمذهبيّةِ نجد هناك أصواتًا مِنْ داخلِ البيتِ الشّيعيّ وَمِمّنْ يُحسبونَ علىٰ تلكَ المرجعيّةِ الحكيمةِ؛ تحديدًا؛ تنتهج منهجًا آخرَ وتسير في طريقٍ مُختلفٍ جدًّا بعدَ أنْ فقدتْ بوصلةَ الإيمانِ بالمرجعيّةِ قَدْ تصلَ إلىٰ التّطرّفِ في تبنّي بعضِ الآراءِ غيرِ السّليمةِ البعيدةِ عَنْ خطِّ المرجعيّةِ وأبويّتها الحنونةِ ومفاهيمها الإنسانيّةِ الحقّةِ!! وَمَعَ أنَّ ذلكَ يمكنُ تفهّمهُ لوجودِ الكثيرِ مِنَ الأحداثِ التي تدفعُ للسيرِ بذلكَ الطريقِ إلّا أنَّه لا ينبغي أنْ يستمرَّ إلىٰ ما لا نهاية!
لذا علينا أنْ نتوقّفَ قليلًا ونُدقّقَ النَّظرَ كثيرًا في مواقفِ المرجعيّةِ الرّعويّةِ حتّىٰ نُدركَ بُعْدَ نظرِهَا في العلاقةِ مَعَ الآخرِ ونفهمَ أنَّ الاحتكاكاتِ اللّفظيّةَ والمُناكفاتِ الخطابيّةَ واختلافَ الآراءِ متىٰ ما لبستْ ثوبًا دينيًّا ضيّقًا أو قوميًّا رجعيًّا أو طائفيًّا مقيتًا أو شخصيًّا أنانيًّا أو شيطانيًّا لعينًا؛ فهي بدايةٌ لفجوةٍ كبيرةٍ؛ ومقدِّمةٌ لانشقاقٍ مُجتمعيٍّ خطيرٍ؛ وسلاحٌ فتّاكٌ يمكنُ لذوي النّفوذِ توظيفهُ.
ولا شكَّ أنَّ علينا أوّلًا وقبلَ كلِّ شيءٍ أنْ نقفَ عِنْدَ أبويّةِ المرجعيّةِ بشكلٍ دقيقٍ ونتبيّنَ مرادها بصورةٍ واضحةٍ لا يقبلُ اللّبسَ أو التّأويلَ؛ ثُمّ ننطلق بعدَ ذلكَ للسيرِ علىٰ وفقِ ما رسمتْ مِنْ حدودٍ..وأمّا ما ينتهجهُ البعضُ مِنْ منهجٍ استفزازيٍّ خطيرٍ لا يُبْتَنَىٰ علىٰ ما ذكرتُ؛ آنفًا؛ فهو أمرٌ خطيرٌ يبعدنا عنِ المقصودِ ويقرّبنا مِنَ المحظورِ ولنْ يكونَ أكثرَ مِنْ (اجتهادٍ عَنْ جهلٍ مِنْ غيرِ مُجتهدٍ!).
وللتّمثيلِ لا الحصرِ نوردُ قضيةً مُهمّةً نعيشها اليومَ علىٰ صورةِ أسئلةٍ استطاعَ الشّرُّ أنْ يُشيطنها؛ وهي:
مَنِ (الولائيّينَ)؟! وَمَا عَمَلُهُمْ؟!
وَمَنْ أطلقَ عليهم هذهِ (التّسمية)؟!
وَمَا (موقفنا) تجاههم؛ وَهَلْ مِنْ سلوكٍ مُحدّدٍ ينبغي أنْ نسلكهُ في علاقتِنَا معهم؟!
(هذهِ الأسئلةُ وغيرها بمثابةِ دعوةٍ للعودةِ إلىٰ منطقِ المرجعيّةِ الأبويّةِ والرّعويّةِ بَعْدَ معرفتهِ بما لا يقبلُ اللّبس). واللهُ مِنْ وراءِ القصدِ
https://telegram.me/buratha