مازن البعيجي ||
لكل مطّلع على سياسة الميدان الذي كان يقودهُ مثل الحاج "قاسم سليماني" الرجل الإعجازي النادر في خصاله لا سيما اخلاصهُ الملحوظ "لدولة الفقيه" وللخط المحافظ الذي يعتبر قلب الثورة وروحها النابضة .
هذا الرجل الذي أوقف نفسه وعقله وقلبه وجسده من أجل تقوية الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ بزوغ فجرها وهو المتدرج في إستلام المهام والمناصب المضنية والتي كان الموت محدق به في كل شبر منها، باحثًا عن كل فرصة وكل مورد يعزز فرص صمودها والبقاء وهي تمر بوادي غير ذي بشر بل ذئاب ووحوش! ليخلق من إيمانه بها مع اخوته درعًا واقيًا اخرجها للضفة الثانية سالمةً معافاة .
ميدان كان هو الأول قبل أي ميدان يُعتبر ميدانًا ترفيًا في أوج الحرب التي ما كان أحد من تلك الدول يكترث لدبلوماسية دولة، كان هناك قرار على عملية إنهائها ومحوها من الوجود على نحو نوع نظامها الإسلامي! ليستلّ - سليماني - سيف التوكل والإخلاص ويبدأ مشوارًا في كل آن فيه موت واغتيال ومشقة يبدأ منهُ تعزيز "دولة الفقيه" لتكون لها فرص العيش في زمن من لا يملك القوة والبأس والشجاعة ولا كرامة له بالعيش الذي كان احد اهم اهداف الثورة الخمينية المباركة، فصال وجال على مدى عشرات السنين من عمر الثورة يصد الهجمات ويفتح الثغرات في جدار قوى العدو، في الوقت الذي كان كل العالم الغربي والعربي والإسلامي يعمل ليل نهار على خلخلة ذلك البناء، وليس بالكلمات الناعمة وعلى طاولة الحوار أو مناضد الرخام والصاج والعاج التي هي بالأصل تحتاج قوة لا ضعفًا، لأن الضعيف لا احد يعترف بحواره بالغ ما بلغت قوة منطقه ووسامته!
إنه ميدان كلفهُ جراح وعلل واستقرار شظايا رافقتهُ حتى إستشهاده ليكون ذراع الوليّ الخامنئي ومرافقهُ الذي لم يستطع أخذ نفَس أو يصدر تصرف كأي انسان من حقه المتعة والراحة فكان إبن بطوطة زمانه، ينسج خيوط القوة والعزة بلغة السلاح ووأد المؤامرات في أرض العدو قبل نضوجها ويحطم المخططات مع رفاق له، ليبدأ عهد القوة والصلابة والإقتدار والتفوق بجهود بمثل سليماني حتى اصبحت تُسمع الكلمة ويفتح باب لها وتصغي أذان ما كانت لتصغي يوما ما ومهما كان قائلها!!!
( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) الأنفال ٦٠ .
فكانت رحلة سليماني مع انشاء محاور القوة والحق التي لم تكن سهلة يسيرة إنما كانت تحتاج مع ميدانه العسكري الى ميدانا آخر أخطر وأهم ألا وهو ذلك العقل الجوهر النادر والذكي والمتوقد دائما، حزمة معنوية من التوكل والتقوى واليقين والثقة بالله والنفس فشكلت منظومة دبلوماسية إلهية بطعم خاص وتأثير أخص! ولو أردنا تعداد تلك الجولات لأحتجنا مكتبة وليس كتابا ليحصي فضائلها.
ولن اذكر ما فعلهُ بالحرب المفروضة على إيران الإسلامية، او ما فعلهُ من اجل كسر الحصار الجائر والظالم، ولكن سألخص المقال بفائدة:
منْ خلق محاور المقاومة في فلسطين ، وسوريا ، ولبنان ، والعراق وغيرها من الدول التي بها عرف العدو قوة إيران وصلابتها التي كان محورها العسكري هو مَن يلوي ذراع الجيش الذي لا يقهر؟ ليس عبر الكلمات الناعمة والشعارات الرنانة، كلا! بل في وقت أزيز الرصاص واشتباك أسنة المزنجرات والطائرات وعند احتدام المعارك !
هو محور تأكد العدو مَن الذي خلفهُ ومن يموّله ويرتب أوراقه ومن يسهر على تدريبه وتجهيزه يقضي الليالي ساهرا موصِلًا ليله بنهاره في عزّ الحر وصقيع البرد وفي مختلف الظروف وحالات الكون ليخلق معادلات الردع، ويصنع ادوات الصد في مقابلة القوة بالقوة.
ولنسأل: من الذي أقنع الروس بالوقوف مع سوريا غير فهرسة الدبلوماسية العسكرية وفن استشراف الخرائط في المستقبل حتى جعل الدب الروسي حارسا على ثغور دمشق؟!!
والحق أننا جميعا مدينون لمن اوضحت ترجمة دبلوماسيته هي الآية الكريمة
وأعدو لهم مااستطعتم...
فهو الميدان الاول الذي خلق الأمن والهدوء وأخرس الضجيج، وأحال الضعف قوة ليكون همس ظريف اليوم وغيره مسموع ومؤثر!!!
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha