أ.د عليّ حسن الدّلفيّ ||
المُثقّفُ الخائِنُ وحدُهُ مَنْ يتحمّلُ مسؤوليّةَ تزييفِ الذّاتِ وترسيخِ التّجهيلِ المُجتمعيّ؛ ولهذا نجدُ عددًا كبيرًا مِنَ المفكّرين وجّهوا التّوبيخ تلوَ الآخرِ للمثقّفِ الخائِنِ المُتخلّيّ عَنْ رسالةٍ أخلاقيةٍ افترض؛ مسبقًا؛ أنّه منذورٌ لأجلها؛ وَعَنْ مُمارسةِ أهمِّ مسؤولياتِهِ في النَّقدِ! وهي الوظيفةُ الرّئيسةُ للمثقّفِ. والتّحلّي بالشّجاعةِ والمسؤوليّةِ؛ خاصّة في ظلِّ الاحترابِ الفكريّ الذي يجعلُ الأمورَ ملتبسةً. إنَّ المُثقّفَ الحرباءَ هو مَنْ استهوته وتستهويه مُغرياتُ السّلطةِ والجاهِ والمالِ فتقودهُ للانحيازِ لمصالحهِ الأنانيّةِ السّياسيّةِ والنّفعيّةِ علىٰ حسابِ دورهِ ومسؤولياتهِ الأخلاقيّةِ. وهو مَنْ انساقَ خلفَ
أهوائهِ وتحزباتهِ الفكريّةِ والطّائفيّةِ إلىٰ أنْ فَقَدَ رسالتهُ الأخلاقيّة؛ وتتحوّلَ إلىٰ عاملٍ هدّامٍ ومدمّرٍ للدورِ التقدّميّ الكبيرِ الذي تقومُ بِهِ الثّقافةُ وينهضُ بِهِ الفكرُ. فَمَنْ يصدّقُ مثقّفًا أو كاتبًا يسوّغُ العمالةَ والفسادَ والحيفَ الاجتماعيّ والنّهبَ للمالِ العامِّ؛ لمجرّدِ أنّ زعيمَهُ تغاضىٰ عنهُ أوْ تحالفَ مَعَ القتلةِ والإرهابيّينَ؟!!
إنَّ المُثقّفَ الانتهازيّ الوصوليّ هو السّببُ الرّيسُ في كُلِّ أبعادنا الحياتيّةِ المأساويّة:
وهو مَنْ كانَ سببًا في ترسيخِ البعدِ المأساويّ السّياسيّ؛ والبعدِ المأساويّ الدّينيّ؛ والبعدِ المأساويّ الاقتصاديّ؛ والبعدِ المأساويّ الثّقافيّ؛ والبعدِ المأساويّ الفكريّ؛ والبعدِ المأساويّ الاجتماعيّ... . أخيرًا أقولُ إنّ خيانةَ المثقّفِ لأفكارهِ السّابقةِ الحرّةِ كالمرأة التي تخلّت عن الرّزانةِ؛ واختارت السّفاهةِ.
إذن فليكن هذا التّنبيه ناقوس الخطرِ الذي يدّقُ لايقاظهِ مِنْ غفوتهِ!
https://telegram.me/buratha