مالك العظماوي ||
تُعد النتاجات الأدبية الواعية تعبيراً عن واقع المجتمعات، وانعكاساً لثقافاتها المتنوعة بحسب تنوع الشعوب وعاداتهم، بشرط أن لا يكون هذا الانعكاس مرحلياً وتعبوياً أو يحاكي شريحة دون أخرى أو حدثاً بعينه لأجل كسب الرضا ممن لهم اليد الطولى في الوقت الآني.
وهكذا نوع من الآداب سيكون مصيره الأفول وسوف لن يدوم طويلا وسيندثر بعد مرور عقد أو عقدين من الزمن، كما هو حال بعض النتاجات الأدبية بزمن الديكتاتورية أبان فترة الثمانينات حتى العام ٢٠٠٣، حيث كانت تحاكي الحاكم فكراً وتأييداً وتعبئة فكان مصيرها الغياب الكلي عن الساحة الأدبية وعن ذاكرة وذائقة الجمهور بعد زوال أسباب إنتاجها. وبطبيعة الحال فإن هذه الآداب آنية وستنساها ذاكرة الشعوب عموماً والمثقفين خصوصاً والأدباء الملتزمين بوجهٍ أخص. وذلك لسبب بسيط هو كونها أعمالاً تعبوية كمقطوعات شعرية أو مسرحيات أو أي نوع آخر من أنواع الأدب، وإن كانت ذات قيمة فنية، لكن هدفها استجداء الرضا والاستحسان من هنا وهناك، من قبل الشرائح التي تتحكم بمصير الشعوب، وسيكون مصيرها الاندثار لا محالة.
ولدينا مثالاً واقعياً قريباً من فهم الجميع، الديانون وغير الديانين، في مجتمعنا العراقي حيث توجد لدينا في الوقت الحالي عدة مرجعيات دينية، لكن الشمولية منها التي تستهدف تطلعات أبناء الوطن، والتي تطرح أفكاراً عامة تهتم بالمجتمع بشكل عام ولم تخاطب شريحة بعينها نراها أكثر مقبولية من قبل الجميع حتى وإن كانوا لا ينتمون اليها كما هو الحال بمرجعية السيد السيستاني. عكس المرجعيات التي تطرح رؤىً وأفكاراً تستهدف مناصريها دون غيرهم، كخطابها لحزبها أو تيارها أو كتلتها أو حوزتها .. الخ.
وهذا الأمر ينطبق تماماً على قسم من الأدب والأدباء في أيامنا هذه حيث نجد أغلبهم ينظر إلى مقبولية عمله من قبل شريحة دون أخرى، ومن قبل فئة دون فئة، ليتحقق لهم النجاح الآني، ونسوا أو تناسوا حال نتاجهم بعد برهة من الزمن ليجدوا أعمالهم في طي الاندثار والنسيان.
https://telegram.me/buratha