مازن البعيجي ||
أستفهام على نحو الافتراض في سياحة فكرية قد تصدق وقد ..
بعد معرفتنا وبحكم الاعتقاد، أنه قد سبق هذه الفترة التي يغيب فيها مثل أمامنا المهدي "عجل الله تعالى فرجه الشريف" مئآت السنين وهي ماتسمى بالغيبة الكبرى وبأمر إلهيّ وتكليفٍ ربانيّ كما لهذه الغيبة من حكمة وأسباب لست بصدد بيانها تاركًا للقارئ الكريم الاطلاع والبحث بما زخرت به كتب الفريقين في تفاصيل قيّمة.
فالجدير ذكره فضلّا عن معرفته هو: أنّ إمامَنا صاحب العصر والزمان " أرواحنا فداه" ينتظر أمر الله تعالى بالأذن له ليكون ظاهرا بيننا شاخصًا بجلالته بعد غيبة مئآت السنين أيضا بأمر الله تعالى وهو الأمام الوحيد الحيّ الغائب وهو آخر الأئمة بعد سلسلة من الأنبياء والأوصياء المعصومين "عليهم السلام" ، فقد سبق نبينا الكريم مئة وأربعة وعشرون ألف نبي خاتمهم المصطفى "صلى الله عليه وآله" وكل أولئك كانوا على هدف واحد مشترك بمختلف أدوارهم بعد الدعوة إلى عبادة الله تعالى وهو إقامة حكم الله على الأرض ، فالجميع عملَ وجاهدَ لإجل تحقيق الهدف الأسمى في الارض وإقامة حكم الله وإشاعة عدله ودعوة الناس الى الالتزام والطاعة والسير على هذا المنهج ولكن لم يكن المجتمع على قدر من الأنقياد وتقبّل الفكرة بل عصَوا جبار السماء بالفتك والهتك لحرمة أنبياءه ورسله رغم وجود الحجة والبرهان والمعجزة ولكن كما قال الله تعالى :
(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) النمل ١٤
وهكذا استمر ذلك الظلم والجحود ليشمل سلسلة الأوصياء الاثنا عشر بعد خاتم النبيين محمد "صلى الله عليه وآله" ليبلغ زمن أمامنا العسكري "عليه السلام" وهو آخر الحجج قبل ولده المهدي فكان من أمر الله تعالى أن يدّخر لدينه من ينصره آخر الزمان بعد استشهاد الإمام العسكري ظلما على يدي مجتمع لم يكن قد بلغ النضوج!
فتقرر غياب المهدي وستره عن أنظار البشرية وقد فاقت بهذا التغييب مسؤوليته كل من سبقه من الانبياء والاوصياء حيث انه والى يومنا هذا على تماس مباشر مع كل مايجري في كل بقعة من اصقاع الارض صغيرها وكبيرها زينها وزينها خيرها وشرها وعلى كل الصعد اجتماعيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وفي كل الاحوال.
نعم! إنه يشاهد ومن موقع مسؤوليته وتكليفه فهو المطلع على المشهد الكامل بما زوّده الله بإحاطة الفكر وشمول النظرة ، فهو ينظر وينتظر امور عدّة إذ يتألم ويحزن في الوقت الذي يسدد ويؤيد كما أنه "روحي فداه" يفرح للعدد الذي بنى كيانه على تقوى من الله وبصيرة من دين فلابد للقائد من جنود وانصار حتى يخرج ويستلم تلك الدولة الموعودة بشمول العدل والاستقامة ، الدولة التي تليق بمَقدَمِهِ بعد انتظار قرون، ومنها ينطلق لتحرير العالم أجمع ولكن..!
ترى هل مثل هذا الغياب الطويل مريح له باعث على السرور؟! هل أن الإمام يجلس في مكتبه او مكانه ويشاهد مجريات الأحداث عبر شاشة فضائية كما نحن نتسمّر امام شاشات الفضائيات بهدف متابعة الأخبار ونتفاعل باعتصار قلب بل ونتحرّق ونبكي ونحن نشاهد المجازر وبشاعة الظلم الذي يحصل لأتباع أهل البيت "عليهم السلام" وللمسلمين في العالم وقد تكالب علينا الاعداء من كل حدب وصوب!! نحن نشاهد كل ذلك ولم نحتمل ما نرى ونحن أهل المعاصي والذنوب والمصالح وليس فينا الكامل وعيًا وإيمانًا، تُرى كيف بقلب ذلك المعصوم والحجة على أهل الدنيا وهو يشاهد بعين البصر والبصيرة مكشوف عنه الحجاب ليرى حتى ماوراء الحدث والحادث غير أنه الصابر وأمر الله ينتظر والإذن!!
فعلى مستوى المسلم الغيور حينما ينفعل مع مايجري للمسلمين من مجازر تتصدع لها الجبال يودّ المسلم لو تطوى له الأرض ليصل حيث قلب الحدث حاملا سلاحه لينال مايقدر من العدو ليشف غليله!! فما بالك وصاحب الزمان حاضر في قلب الحدث وفي أكثر من مكان في آن واحد!!! لك ان تتخيل أيها المؤمن الموالي وفي لحظة انقطاع واخلاص كيف بك وهذا حال امامك لتأتي انت وانا، وهو وهي، وهم وأولئك لنزيد في اشتعال لهيب فؤاده الشريف فنكون سببا في زيادة مايحزنه ويجرح قلبه الرؤوف!
اي مشهد لم يحزنك سيدي؟! وانت ترى هذا الخنوع والاستسلام من قبل أغلب المسلمين ، بل وأنت تشاهد التآمر والعمالة حتى ممن يرفع اسمك الشريف وهو يغرد على غصن شجرة الأعداء ليزيد في وحشتك وهمّك ، وأنت تطلع على ملفاتنا لتجد المخادع والكذاب بل والزاني وتارك الصلاة والمدّعي حبكم أهل البيت لكنه غارق في العمالة ومن يرفع شعار الدين وهو معمم والدين منه براء لمخادعته وكذبه وغير ذلك كثير ممن لايطيقه قلب الغيور فأنّى بقلبك سيدي!!
وهكذا لزامًا على كل مؤمن يدّعي الإنتظار لإمام زمانه أن لايكون سهامًا تزيد في طعنات قلبه الشريف، ولاقطرة زيت تزيد في اشتعال اللهيب، ولانقطة سوداء على لسان او قلم يزيده غربة على غربته!!
أليس كل هذا وذاك يزيد في مخزون آلامه ويرفع منسوب آهاته!!
تعسًا إن كنا ممن يساهم في تصدير الهمَّ لقلبك النقي واحساسك المرهف لنكون أسوء أتباع وأقبح موالين قشريين نكذّب على من يعرف كل ما يدور ، ونخفي من سوء افعالنا مالم يظهر منّا، وقد يدلس بعضنا، ويسوّقُ ماليس بحق إرضاءا للذات ولهثًا خلف الأضواء والأبواق.
فأيّة راحة في هذا الغياب لإمامنا وأملنا وملفاتنا تُرفع كل أثنين وخميس ما يُدمي قلب وليّ العصر دون التفات منّا الى تلك الوحشة والغربة التي تحيط به والتي ينال نصيب من ذلك الاعتصار والانقباض كثير ممن قبضوا على دينهم كالجمر وربطوا جأش قلوبهم بحبال الخشية والمراقبة لم يهنأ لهم عيش ولاطاب لهم مأكل، وَجلين مترقّبين يومًا تُسمَع فيه الصيحة بالحق
(ألا ياأهل العالم أنا الإمام القائم)
ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة، وماذلك على الله بعزيز.
ومن هذا المنطلق، لابد من إعداد العدة والعدد
وإلّا فالعتاب أليم يوم يُقالُ لكل موالٍ ، أين الولاء وأين الإدّعاء في نصرة المهدي ومثل بعض القادة يتآمر مع من يقتل شيعة أهل البيت "عليهم السلام" وعشاق الإسلام المحمدي الأصيل؟! وهل تعتقد أن مثل مهدينا يسرّه ويحظى بقبوله تفاصيل مشاهد الحرب والسب والشتم والنيل من كرامة دولة إيران؟! إيران التي وردت على لسان المعصوم "عليه السلام" ودورها الفاعل في مسرح التمهيد وخلاص الأمة من الظلم قبل ظهور القائد الأقدس؟!!! أفلا تعقلون
إذن: إمامنا المعصوم الحاضر الغائب، يعاني منا وبسببنا أكثر مما يعاني من غيرنا ممن لا يعرفه ولو عرفه لسبَقَنا الى إدخال السرور على قلبه وقد يحسدنا على نعمة الأمل المنقذ الموعود الذي ننتظر، فقد يتضاعف عتب الله ورسوله على مَن عرف إمام زمانه وخالف أمره وطاعته وانحرف عن منهجه عن قصد أو غفلة او تقصير كل ذلك بأي عذر كان لايعفي المؤمن الملتزم من الوقوف للحساب مالم يرعوي ويعود الى رشده.
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha