✒️عمر ناصر *||
قال سقراط ( تحدث كي اراك ) لا يختلف السياسيون كثيراً عن بعضهم البعض لكون مستوياتهم الثقافية وحنكتهم السياسية تتبع بصورة طردية عامل ومنسوب ارتفاع او انخفاض عنصر الوعي والذكاء والمناورة وسرعة البديهة في قاموسهم ، فنستطيع تصنيف البعض منهم بأنهم سياسيين من الطراز الاول البعيدين اليوم بشكل كلي عن الساحة السياسية والبعض الاخر سياسيين نص ردن قادتهم الصدفة لاعتلاء اعلى المناصب الحكومية الذين كانت اعلى طموحاتهم النظر فقط لها وليس الوصول اليها ، لكن للديموقراطية للاسف الشديد مساوئ كثيرة كما لها ايجابيات كثيرة اذا لم تسخر بالشكل الصحيح لخدمة الافراد والارتقاء بهم لمصافي المجتمعات المتحضرة .
من اهم اقسام الايمان بالديموقراطية هي حرية الرأي والنشر والتعبير التي كفلتها جميع الدساتير في الدول المتحضرة لكونها من أهم أدوات الشعوب المؤمنة بتحقيق الشفافية والمراجعة وتقويم الاداء فالاختلاف بالرأي ماهو ألا حالة ايجابية وصحية الهدف منها الحصول على ماهو مفقود من المعلومات او تصحيح ماهو مبهم حتى وأن كان الرأي مخالفاً للاهواء وكما يقال أختلاف وجهات النظر لايفسد في الود قضية.
على الرغم من أنني من اشد المعجبين بالتيشيرتات الصفراء والكل يجمع على ان الأصفر هو احد أجمل الألوان الا انه يستخدم أحيانا للتعبير عن الامور السلبية او السيئة مثل الضحكة الصفراء او الإعلام الأصفر وإلى ما شابه ، الاعلام سلاح ذو حدين وهو السلطة الوحيدة التي تتكلم بنبرة عالية وخشنة مع السياسيين في اغلب الاحيان بل تقوم باحراجهم احياناً وهي احدى نقاط القوة في ابجديات هذه المهنة والاعلامي الحذق الذي له القدرة على تكرار الحديث والخوض في غماره وباحداثه مراراً وتكراراً حد الملل اذا لم تكن الأجابه كافية ووافية لفهم الموضوع بشكل شامل وواسع لظروفه ومحيط تفاصيله عند محاولة الولوج والبحث عن ثغرات ليكون السياسي انذاك في موقف لايحسد عليه .
اذا تتبعنا خط الخدمة لاغلب السياسيين لوجدنا انهم نادرا مايدخلون في مناظرات تلفزيونية بل انهم يتجنبوا ذلك في اغلب الاحيان لمعرفتهم سلفاً انهم لايمتلكون ادوات الحوار الهادف والناجع والبنّاء ولكون اغلبهم تنقصهم المَلَكَة والحرفية عند اجراء الحوارات او الدخول في المناظرات ، بل ان اغلب السياسيين تحكم ارائهم انتمائاتهم الحزبية والسياسية التي تجعلهم دوما داخل اطار لايستطيعوا تجاوز حدوده وانهم ليس لديهم انسجام مع المثقفين الذين لديهم القدرة على الظهور الاعلامي المتميز او قيادة المناظرات التلفزيونية خصوصاً اؤلئك الذين لديهم طروحات واقعية وافكار وبرامج ملامسة لواقع المواطن التي هي اهم لبنة من اللبنات التي تخص التسويق السياسي والترشيح للانتخابات في الدول المتحضرة.
ان عملية الدخول في سجالات ومناكفات سياسية كلامية امام الملئ من خلال وسائل الاعلام في ظل عدم وجود خزين جيد من للمعلومات او فقر في فهم وقراءة الواقع الذي يفرض نفسه على المشهد السياسي دون التسلح بالدلائل والبراهين هو انتحار سياسي مفروغ منه وتقليل من هيبته ، لان المتلقي اليوم اصبح يعي كلياً حجم اللعبة السياسية واصبحت لديه الحنكة والشجاعة والقدرة على قراءة مابين السطور بل انه اصبحت قرون الاستشعار لديه توجهه للعب بالبيضة والحجر بفضل الفشل والفساد الذي اصبح لديه اشباع منه بسبب تكرار وتوظيف نفس اساليب الخداع والمكر التي اعتاد عليها المفلسين في طرح برامجهم السياسية والتي اصبحت اليوم محط استهزاء وسخرية من قبل قادتهم قبل جمهورهم حتى اصبحت بضاعة لاتصلح حتى للاستهلاك المحلي .
عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي
https://telegram.me/buratha