عبد الحسين الظالمي ||
قدر العراق ان يعيش ابناءه بين نارين نار الدكتاتورية التي اخذت منه الكثير وكلفته الكثير على جميع المستويات ،
فالحديث عن خسائر العراق في زمن الحكم الديكتاتوري حديث ذو شجون ، تلك الخسائر التي تعد ضربا من الخيال ان عرضت على احد غير مطلع على اوضاع العراق، فقد شملت جميع مناحي الحياة المادية والبشرية والمعنوية وعلى جميع ابناء العراق ولكن بدرجات متفاوته
فقد دمرت البنى التحتية والبشرية والمادية بحروب عبثية اكلت الاخضر واليابس ودمرت العلاقات الاجتماعية بين الناس وهدمت عرى المجتمع بتقارير الرفاق وتسببت في هجرت الالف العقول من خيرة ابناء العراق الى الخارج من اطباء ومهندسين وعلماء وزجت بالالف بالسجون والمعتقلات وغيبت الالف بالموت والمقابر الجماعية ، دمرت جيش جرار ومصانع
وجسور ومسحت قرى وارياف وحولت العراق الى سجن كبير كان العراقي يتمنى ان يخرج منه باي طريقة.
امام هذا الواقع المرير لم يبقى امام العراقين من سبيل لتخلص من هذا الكابوس سوى الله سبحانه وتعالى وابناء العراق المخلصين ورغم كل التضحيات التي قدمت من اجل الخلاص من النظام الحاكم ولكن فتك النظام وقساوته جعلت من تغيره قضية معقده، حتى ارتكب حماقة غزوه الكويت وما حدثت من تداعيات على اثر ذلك الغزو كانت احدى هذه التداعيات هو ان انقلب العالم كله ضد صدام ونظامه.
ورغم الخسارة الكبيرة التي لحقت بالعراق نتيجة هذا الغزو البربري والذي كان سببا في تدمير العراق ومع بدء خطة التحالف الدولي في اضعاف النظام وتقويضه ومنها الحصار الجائر على الشعب العراقي الذي جعل العراقي يعيش اجواء القرون الوسطى .
امام هذا الواقع لم يبقى امام العراقين من خيار سوى القبول بكل من يكون سببا في القضاء على هذا النظام،هذا القبول الذي اقترن بارادة دولية بتغير النظام والتي كانت سببا في احتلال العراق من قبل امريكا وقبول اغلب العراقين بهذا الاحتلال. تخلصا من النظام ، وقد استبشر الناس بالتغير وطارت الناس بالاحلام الوردية ولكن سرعان ما انكشف الواقع وبان ان امريكا لديها مشروع تريد تنفيذه في المنطقه انطلاقا من العراق.
وعلى هذا الاساس فرضت اجندتها الخاصه حتى بلغت مبلغا اكثر ضررا في بعض المفاصل من النظام السابق فهي مسؤولة عن دمار كل شىء بل تسعى لبقاء هذا الدمار وحرمان العراق من النهوض من كبوته التي تسبب بها النظام، والتي تمثل حلما لبعض الدول المجاورة والتي لديها عقدة من عراق قوي هيمن على المنطقة لعدت عقود ولذلك تسعى جاهده ليبقى العراق ضعيفا قلقا وغير مستقر في جميع مناحي الحياة.
والبعض الاخر من هذه الدول اصبح الوضع الحالي للعراق مثاليا لتمرير مصالحة الاقتصادية او خططه التوسعية وبالتالي اصبح التدخل الامريكي بالعراق مشكلة كبرى لا تقل ضررا من
الديكتاتورية السابقة فبدل من الدكتاتورية حلت الفوضى والهرج والمرج والتمزق وتناحر
مما ادى الى تراجع خطير وحرمان كبير يعيشه العراقي.
امريكا التي جاءت من اجل مشروع معين لم تسمح لكل من يريد الافلات من دائرة هذا المشروع لذلك ابقت ملفات مهمه بيدها ولم تسمح لكأن من كان من الاقتراب منها ، ملفات خدمات كملف الكهرباء الذي خلقت منه عصى تجلد بها العراق كلما شعرت انه يريد الاقتراب من دائرة رفض الهيمنه الامريكية وملف المال وموارد العراق.
والتي جعلت منها ملفا حساسا مسيطرا علية من قبل اعلى سلطة في امريكا ( وضعت واردات العراق من النفط في البنك الفيدرالي الامريكي وهو المسؤول عن تحويل هذه الموارد الى البنك المركزي العراقي عن طريق حساب خاص للبنك المركزي العراقي وقد وضعت هذه الموارد تحت الحماية القانونية الامريكية تحت ذريعة حماية الاموال العراقية من الدعاوى الخارجية) وكذلك ملف الاقليم الكردي الذي جعلت منه شفرة حلاقة في بلعوم الحكومة المركزية وهكذا اصبح العراق اسيرا بيد الامريكان عن طريق (المال وربط الموارد النفطيه ، وعن طريق الاحتلال المباشر من وجود القوات الاجنبيه على ارض العراق والتي تجول في سماء وارض العراق بدون رادع وتتحكم بالسيادة العراقية كيف تشاء وعن طريق اكبر تمثيل دبلوماسي في منطقة الشرق الاوسط هذا التمثيل وان كان يسمى دبلوماسي ولكنه بالحقيقة خلاف ذلك هو تمثيل للقوى الامريكية التي جعلت السفير هو الحاكم الاصلي في العراق والذي يجب استشارته في كل قرار جوهري يمس وضع العراق ومصيره وعلاقاته الخارجية والداخلية ، ولم تكتفي امريكا
بذلك بل توغلت في بسط نفوذها الحقيقي على العراق وذلك من خلال سياسية تخريبية استهدفت المجتمع العراق بشكل مباشر بعد عن عجزت مشاريعها الاخرى من تدمير العراق واضعافه هذا الاستهداف الذي تمثل في خلق الفتن بين ابناء الشعب واثارة الطائفية والعنصرية ثم عمدت الى اثارات النعرات والتناحر الحزبي والسياسي بين ابناء الطائفة الواحد وساهمت بشكل مباشر بقتل القيادات المخلصة والتحريض على القوى الوطنية ولم تسلم حتى المرجعية والعتبات المقدسة من خططها التدميرية بل لا يستبعد ان تكون القوى المرتبطة بها هي وراء قتل بعض المتظاهرين الذين ترى في قتلهم مزيد من اشعال الفتنه ولا كيف لا تستطيع امريكا المسيطره على كل شىء في العراق من كشف القتله بل ربما تمنع الحكومة من كشف ذلك .
هذا الواقع المرير الذي جعل العراقين يعيشون مرارة الديكتاتورية ومرارة الاحتلال الامريكي وتبعاته التي اخذت تقترب من مرارة الدكتاتورية بل تعدتها في بعض المفاصل ، ليصبح العراقين يعيشون بين حالين حال تذكر مرارة حاكم جائر
تجاوز كل الحدود وبين مرارة محتل لا يراعي الن ولاذمه امام مصالحة ومصالح عملائه .
ورسالته تقول اما الحرمان واما الخضوع والاستسلام وليس لديكم خيار في غير ذلك ولكنهم نسوا قدرة الله سبحانه وتعالى واردة الشعوب التي يمكن ان تغير في لحظة ما كل المعادلات والاملاءات وان الله سبحانه وتعالى قادر ان يذهب كيدهم ويخرج العراق من سحن المحتل كما اخرجه من سجن الديكتاتورية والله يفعل ما يري .
٧/٧/٢٠٢١
https://telegram.me/buratha