مازن البعيجي ||
عندما نتصفح تاريخ الرسالات وكم اعداد الأنبياء والمرسلين الذي توافدوا على مجتمع الكرة الأرضية وهم بين معذب ومتنَكَّر له ومظلوم من قبل قومه ومَهجَّر مقابل إعلان رسالته ذات الهدف الواحد والبحث عن المصداق وإثباته وهو "الاسلام"
( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران ٨٥ .
( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) آل عمران ١٩ .
هذه الأمة من الأنبياء الواعظة الحريصة مضت باحثة عن فسحة لتطبيق التعاليم الواردة من السماء لصناعة لَبِنة قويمة متماسكة لإيجاد أمة كما أرادها رب العزة(خير أمة أُخرِجت للناس) والسماء بدورها تتابع مراحل تهيئة ذلك المجتمع المراد صنعه وصياغته دون إنقطاع وتحذّر في كل الرسالات من الوفود الى عالم الآخرة والأمة خالية الوفاض دون اكتساب صفة "الإسلام" الذي حذّرت من عدم الفوز به خاصة لمن طرقت النبوءات والمرسلين باب عقله وقلبه.
(وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) البقرة ١٣٢ .
هذا التأكيد لم يأتِ جزافًا أو عن عبث، ولا يتصوره أحد بلا غاية عميقة وكبيرة او هدف حكيم، بل هو إصرار وتأكيد لغايات السماء التي تهدف الى ارتقاء الإنسان وصياغة مجتمعٍ يتكامل عبر تلك الرسالات المتعددة والادوار التي تهيأ بزوغ مفاهيم الإسلام المحمدي الأصيل ذات المصداقية التطبيقية الواقعية التي انتهى لها الحسين "عليه السلام" المعصوم واصحاب الحسين الغير معصومين بدرجة من التطبيق المراد من قِبل الرسالات السماوية وهو الذوبان بين يدي القائد المعصوم والتسابق على صهر الأرواح تحت حرارة السيوف بشغف وعشق فاق كل مدارس التأهيل والعشق.
هذا الفهم الرسالي العالي المقام للإسلام يمثّل عمق وعقيدة الدفاع التي جسدتها كربلاء بمعانٍ بقيت كالشمس ساطعة في عالم إنجاز التكليف الذي يمثل قوة العلاقة بين السماء والإنسان، الأمر الذي أخذ دوره بتدرجٍ منطقيّ لينتهي به دور المرسلين والمعصومين "عليهم السلام" من الوجود المادي العيني الظاهري وينتقل الى مرحلة اخرى ليس فيها إلا الإعتماد على الإعتقاد الغيبي الذي تدركه العقول وتشعر به القلوب على نحو يستولي عليها ذلك الإسلام ويحجز له مقعدا في كل جوانح الإنسان، بل كل شيء بعد فهم الإسلام ذي السلسلة الكبيرة والطويلة التي كلها تُثبت البحث عن تطبيق عملي دون تدخل إعجازي يسلب الإختيار من الإنسان القادر على تنفيذ المطلوب بعد ادراكه دون الحاجة الى شخص المعصوم الظاهر .
ولأجل ذلك نحن نعيش هذا الزمن الذي يعتبر وجود مثل المعصوم الغائب هو عبارة عن مسيطر روحي ينظم لنا الأفكار ويرزقنا المعنويات بحسب مانملك من قدرة وطاقات منحها الخالق لنا لنهيأ تلك المساحات التي يُراد منا غرسها وتهيئتها واخضرار صحرائها، وإحياء جدبها.
وما الإسلام المحمدي الأصيل الحسيني المقاوم الذي تتخذ منه دولة الفقيه إلا عصارة رحلة الأنبياء والمرسلين والمعصومين "عليهم السلام" الذي تطبقه اليوم دولة الفقيه على أرض إيران التي غنمت ذلك الفهم العميق للإسلام المقاوم الذي يردّ على كل مجتمعات الأنبياء والمرسلين الرافضة وقتها لما جاؤوا به، محلّ تطبيق أشارت له الروايات بعد أن بزغت شمس الخُميني العزيز بنماذج تتحرك لها الأجساد ولكن بمقادير حركة يقف الإسلام خلفها في كل بُعدٍ أريد لها التحرك حتى على مستوى القضايا الخاصة والشخصية على شكل عمر بجسد موقوف بقناعة على نصرة وتحقيق الإسلام المراد تطبيقه في زمن ليس فيه إلا مجتمع الحضارة الإسلامية التي كانت هدف الأنبياء والمرسلين والمعصومين عبر معصوم غائب سيكون نهاية مطاف العالم الذي تعيشه نظرية التطبيق لولادة إنسان مسلم يتحلى بفهم الإسلام الذي يوقفه عند حدود الحلال والحرام بشكل نجده في جملة من علماء مدرسة أهل البيت "عليهم السلام" كالخميني العظيم صاحب الفهم الذي انتج دولة الفقيه المباركة محل ومجال تطبيق المصداق القرآني والذي هو سرّ نجاح السير على النهج المحمدي الأصيل لما فيه من الصمود وعدم الانحناء أمام قوى الاستكبار .
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha