ب✒️ عمر ناصر *||
الدول المتحضرة تمتلك مجتمعات لديها منسوب مرتفع من الوعي ولها تأثير فعلي في صنع شكل القرارات الحكومية تجاه اي مسالة مصيرية جوهرية تتعلق بسياستها الداخلية والطرق الناجعة لادارتها ،لان منظمات المجتمع المدني هناك هي المراقب الاول لعمل السلطة ورقابتها عادة ماتكون دقيقة وخشنة احياناً لكونها تستمد قوتها من صلابة الدستور ودعم الاعلام المهني وتقتنص الهفوات والاخطاء وتنتقد اي مسار او تحاول توجيه انظار الجماهير لقضية معينة وتستطيع تحشيد الرأي العام من خلال ذلك وتشكيل لوبي شعبي فاعل يثني من بعض قرارات الحكومات الغير مرضية لمزاج الجمهور ، ومهمة هذه المنظمات هي مواكبة الاحداث والتطورات التي تلقي بظلالها على المجتمع لتقتنص الاخطاء من اجل معالجة الاخفاقات التي قد ترتكب على اعتبار ان اغلب الحكومات لاترى اخطاءها الا من خلال مرآة عاكسة تتمثل بتلك المنظمات لغرض اخذ الدعم والاسناد في تنفيذ مهماتها .
اليوم وفي ظل ازمة كورونا واقبال العراق على مرحلة التهيئه لانتخابات مبكرة نرى انه لازالت الكثير من تلك المنظمات تدور في حلقة مفرغة وجميع نشاطاتها خجولة تجاه هذه المسالة المحورية والحساسة ولا تلوح في الافق اي مشاريع استراتيجية فاعلة تم التخطيط لها او التهيئة لها سلفاً لدعم العملية الديموقراطية القادمة على غرار ماتقوم به مثيلاتها في الدول المتقدمة وفي وقت مبكر جداً على الاقل التخطيط قبل سنتين من اجراء الانتخابات بل على العكس ان الكثير من العاملين في هذا المجال كانت لهم اهداف وتطلعات معينة بعيدة عن واقعنا الحال المزري تتجلى بهدفين اولهم اقتصادي لاجل الاسترزاق من خلال تلك تنفيذ المشاريع الانسانية والاخر سياسي من خلال ابراز وجوههم بهذا المفصل لغرض الاستعداد للدخول بالانتخابات المقبلة وهذا ما تم اثباته من خلال ترشيح الكثير من هذه الشخصيات مع بعض الكتل السياسية، بمعنى ان الغاية هو ليس لتصحيح مسار متلكئ للمجتمع المدني او السعي لتنقيته من الشوائب والسلبيات الموجودة بل هو التفافة طاووسية لكسب جمهور وطبقة تكون لهم اصوات ورصيد جيد في المرحلة المقبلة .
بأعتقادي ينبغي ان تكون مهمة منظمات المجتمع المدني هو التخطيط الشامل وخلق رؤيا حقيقية وتعاون وتنسيق مشترك مع وزارات الدولة المعنية من اجل انجاح الانتخابات المقبلة لكن للاسف ما زلنا نرى الكثير من هذه المنظمات لم تلتفت الى نقطة حساسة مفادها اننا مقبلين على مرحلة مفصلية خطرة من تاريخ العراق الحديث وتحتاج منا جميعاً شحذ الهمم وربط الاحزمة وتظافر الجهود لتغيير واقع مزري للخلاص من كابوس جثم على صدر الشعب لسنوات طويلة .
اليوم وصل السخط الجماهيري والشعبي الى اعلى مستوى له وبدأت تداعيات ازمة كورونا واضحة تضرب بعمق ادق جزئيات المجتمع بل زادت في معاناة الكثير ممن ليس لديهم الا قوت يومهم واجورهم اليومية وللاسف الشديد اقول ان محاولات السياسيين انقاذ ماتبقى من عملية سياسية باتت خجولة سواء كانوا مستقلين ام متحزبين لاننا اصبحنا امام امانة ومسؤولية تاريخية من المفترض ان يكون جميعا لنا دور في اعادة موازين القوى و لارجاع بوصلة المعادلة السياسية للوضع الطبيعي من اجل ان نلمس تغيير حقيقي ليس شكلي كالذي حصل من تدوير للوجوه السياسية طيلة ١٨ سنة منصرمة وبعد ان اصبح التعويل على جهود الاخوة السياسين هو ضرب من ضروب الخيال او شكل من اشكال المحال .
سينزعج مني الكثير من الاخوة الذي سيمسهم حديثي هذا وسيتهمني البعض بأني ( نايم ورجلي في الشمس ) وليس لي علم بالمشاريع والاعمال التي بذلوها في هذه القضية ، ولان ما سأقول يتناسب عكسياً مع مذاقهم في العمل ولكنني رغم ذلك اقيم واثمن كل مجهود قاموا به ولن اقلل من شأن عمل الكثير منهم ومن نشاطاتهم التي هي محط تقدير واحترام، قطعاً ولكن سيكون كلامي مخصص لمن يرى في نفسه تقصير ازاء هذه القضية المحورية لان ما اود الوصول اليه يكمن سره بعدة تساؤلات هل تهيأنا واعددنا العدة لمواجهة التحديات المقبله الخاصة بالتغيير المرتقب اذا كتب له النجاح ، وهل بدأنا فعلاً بالاستعداد لما تتطلبه منا الانتخابات القادمة التي هي طوق النجاة الاخير لفتح صفحة جديدة من التغيير ؟ اعتقد لا ...
عتبي الاخوي على قادة ورؤساء منظمات المجتمع المدني بشقيها الاغاثي والتوعوي واختلافي معهم بالراي قطعاً لايفسد في الود قضية لان هذا الموضوع لا يكتنف جنباته اي شخصنة على الاطلاق لاننا لايمكن ان نكتفي بالنشاطات المتمثلة بتلبية المناشدات والمساعدات الانسانية والمجاملات الاجتماعية لغرض تقديم العون والاسناد لتلك العائلة او تلك وذلك اليتيم او المشرد او الُمهجر فحسب ونقوم بالتقاط الصور لاثبات صحة نشاطاتنا كدليل مصداقية المشروع للرأي العام او ان يتم منح شهادات تقديرية لاتسمن ولاتغني من جوع في وقت نحن بأمس الحاجة لاستخدامها وتطبيق محتواها فعلياً بجوانب الحياة الاكثر اهمية…
عمر ناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي
https://telegram.me/buratha