المقالات

النظام الصحي العراقي..الدينار قبل السونار..!

1234 2021-07-13

 

عباس عبود سالم ||

 

قبل ثلاث عقود واكثر كان النظام الصحي في العراق من افضل الانظمة في المنطقة..

المستشفيات تتميز بالنظافة والكوادر تتميز بالمهنية والدقة في العمل.

اغلب الاطباء اما خريجي الجامعات البريطانية او زملاء لها وكانوا يتميزون بسلوك حضاري وثقافة رفيعة، ويشكلون صفوة المجتمع العراقي، واذكى ما تجود به المدارس من طلاب.

ادارات المستشفيات كانت على درجة عالية من الحرص والانضباط، اما الكوادر الوسطى كانت مدربة على الالتزام بالوقت والواجب والهندام وتضم صفوة خريجي المعاهد الصحية المتخصصة مثل معهد الصحة العالي والمعاهد الطبية الفنية.

الكوادر الخدمية كان ادائها جيدا اذ كان يحركها الطموح للثواب والخوف من العقاب..

العيادات الخاصة كانت اسعارها معقولة والمختبرات كانت تعمل بضمير  مهني وانساني و كذلك الصيدليات والعيادات الشعبية والمراكز الصحية والمستوصفات كانت تعمل ليل نهار بكفاءة عالية...وباشراف مهني من النقابات المهنية نقابة الاطباء ونقابة الصيادلة.

تعاقبت السنوات

تضاعف عدد سكان العراق من 20 الى 40 مليون نسمة..

تدهور مستوى التعليم

غابت القيم التربوية عن الثقافة والاعلام وانتشرت نزعات الفضائحية ورغبات البحث عن الشهرة وترسخت ثقافة الانانية و الكراهية..

توحش المجتمع !!!

انتقلت حالة التوحش الممزوجة بالسوقية والشعبية للاطباء!

الذين تخلوا او بعضهم عن ثقافتهم النخبوية  صار الطبيب المستجد ومعاون الطبيب يخاطب الاقدم منه بكلمة (عمي)

صرنا نرى ملامح السوقية وثقافة الشارع لدى الكثير من الاطباء....

اصبح الطبيب يتعلم ويتقن فنون التكسب وصار يتفق مع صاحب المختبر وصاحب الصيدلية على كيفية انتزاع آخر دينار من جيب المريض ...

اسهم الاطباء واسهمت الكوادر الوسطى والادارات الحزبية الفاشلة في افشال المؤسسات الصحية الحكومية، واصبح الامر يحقق مصالح لمجموعة انتهازيين فاقدي الضمير.

صارت صناعة وتجارة الادوية ساقية دولارات تدر المليارات على الاقوياء وذوو البطش العظيم، ومن يتبعهم من اصحاب الطبع اللئيم....

توارى واختفى وهاجر وصمت مئات الشرفاء والمهنيين من الاطباء و من الكوادر الوسطى..

تحولت المسشفيات الحكومية الى جدران خاوية مرعبة تجسد التلوث البصري والفايروسي والبيئي بابشع اشكاله..ولا تختلف عن جدران السجون القذرة !!

النظافة تتراجع الى ادنى حالتها!

 والقذارة تتصاعد الى مستويات قياسية..

مصاعد عاطلة

لافتات متهرئة..

نوافذ متكسرة الزجاج

حدائق مهملة

جدران تكسوها الرطوبة...روائح نتنة..اجهزة تكييف معطلة وعاطلة، ادوية نسمع بها ولا نراها، مطالبات علنية بالرشوة، فوضى وخراب وموت.

واغلب الاطباء في العراق لهم  عيوب كارثية لايمكن السكوت عليها

كعدم الاهتمام بنظافة واناقة عياداتهم، فلا تستغرب ان يختار  طبيب للكسور موقع عيادته في الطابق الثالث في بناية بلا مصاعد، ولا تستغرب من ان تكون عيادة طبيب باطنية في عمارة قذرة، ولاتستغرب في ان تكون عيادة طبيب اعصاب تفتقد الى مقاعد جلوس ملائمة وتلوث جدرانها الجرداء جداريات ورقية ممزقة ربما وضعها قبل عشر سنوات او اكثر باستخدام مسامير ظاهرة او شريط لاصق فقد لونه وخواصه مع تقادم الزمن .

ولاتستغرب ان يضع طبيب مشهور كراسي البلاستك الخاصة بالحدائق في صالة استقبال مرضاه رغم ان ايراد يوم واحد له كفيل بتاثيث مكتبه على افضل شكل...

صار الطبيب العراقي كئن لايكترث بالذوق والجمال ولا تهمه نفسية المريض!

ولا يهتم براحة مرضاه!!

 انما يركز في عمله على مضاعفة الدواء وكم التحليلات ومن المختبر الذي يدفع له النسبة المتفق عليها..

الاطباء في كل انحاء العالم يركزون على مراعاة نفسية المريض ويمنحوه جرعة امان، الا الطبيب في العراق الذي يغلق نفسه بهالة كاذبة من التكبر والطغيان واغلبهم يحبط مرضاه ويقتلهم نفسيا دون وعي منه.

الراسمالية المتوحشة افترست الطب لدينا وصار الطبيب ينظر للدينار قبل الفحص و السونار،  وصار  افتتاح مستشفى خاص هو اعظم مشروع تجاري مربح في بلد المليون مريض..

الغريب اننا ننتبه بعد حدوث كارثة هنا وكارثة هناك بينما سرطان التوحش والفجور والاهمال والفساد ينهش نظامنا الصحي بشقيه الخاص والعام والله المستعان.

وماحصل في مستشفى ابن الخطيب وما تلاه في مستشفى الناصرية من كوارث هي نتائج ومؤشرات لخلل عظيم في النظام الصحي العراقي الذي يحتاج الى ثورة بكل معاني الثورة.‎

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك