مجيد الطائي ||
لما تحولنا الى مدينة الثورة في بداية الستينات بنى لنا والدنا - رحمه الله ( الصورة ) ويرحم والديكم - حماما في البيت على طريقة حمامات السوق البغدادية وبمدخنة من طابوق قريبة الشبه من مداخن البيوت الإنگليزية حيث أنه عمل مع المقاولين وشركات البناء كسائق شفل ونقل لنا خبرته ومشاهداته
فقد حفر تحت الأرضية المصبوبة وأدخل فيها ( بريمز ) النفط وجعل برميل النفط عالي بمستوى السطح تقريبا وفي الداخل كان قزان الماء وكذلك التختة الصخرية والطاسة الصفر والبخار تعيش معها أجواء حمامات السوق البغدادية..
وفي يوم عرفة وليلة العيد يشتغل حمامنا ليلا ونهارا لنا ولأقربائنا وجيراننا يأتونا واحدا تلو الآخر لغسل العيد الذي عرفت لاحقا أنه من المستحبات الشرعية ويشربون الشاي عندنا ونتبادل التهاني
كان والدي يرحب بهم بكل عواطف المحبة ويقول هذه نعمة من الله وفضل ... والنسوان مشغولات بتحضير الكليجة التي كانت لعلها نوع الحلويات التقليدي الوحيد في أجواء حميمية وفرح وطيبة الناس ، ولم يفكر أحد منا في كثرة صرف الماء أو النفط بل كانت على محيانا السرور لكل أحبتنا.
وفي صبحية العيد كنا نرتدي قاط العيد الجديد ونذهب أولا الى بيت خالتي رحمها الله في شوق للعيدية وبعدها للمراجيح ودواليب الهواء ويزورنا أولاد عمنا ( الصورة في العيد مع إبن عمنا الشهيد كاظم سلطان { طالب كلية الهندسة بغداد} إعدم في بداية الثمانينات)
ولما كبرنا قليلا صرنا نذهب لحديقة الأمة ولسينما الخيام وسينما النصر بعد أن يصطحبنا الوالد لصلاة العيد في جامع الإمام الحسن في قطاع ١٥ .
الى أن جاءت ريح البعثيين العاتية فجرفت معها كل شيء جميل فقتلوا شبابنا وشتتوا شملنا وأنتزعت الطيبة من قلوب كثير من الناس
وأَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا
وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا
أَلّا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا
حَينٌ فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا
أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
إِن كانَ قَد عَزَّ في الدُنيا اللِقاءُ بِكُم
في مَوقِفِ الحَشرِ نَلقاكُم وَتَلقونا
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
https://telegram.me/buratha