عزيز الأبراهيمي ||
اول أسباب الانتحار..!
انا من اولئك الذين عاشوا فترة الطفولة يلبسون احذية (لاستيك) وكانت على الدوام ارجلنا مجروحة (مزلغة) من الحواف الحادة لتلك الأحذية القاسية, حتى اني أتذكر اعظم ابتكار اوجده صناع تلك (القنادر) عندما غلفوا تلك الحواف بطبقة من القماش الامر الذي ساهم بتأخير جراحات الارجل حتى يهترئ القماش ويبدأ (شغل) الحواف البلاستيكية .
في ذلك الزمن تكون الحاجة الى اقتناء الأشياء الأساسية كالملابس والمستلزمات المدرسية تجعل من توافرها إنجازا يجعلك لا تنام من الفرحة, فمن هو في سني يتذكر بداية كل سنة كيف يأخذك الزهو (الكشيط) لأنك سوف تلبس القميص الجديد والبنطلون والحذاء وربما ستحظى بأحلام سعيدة في تلك الليلة ان وفقت للنوم.
ولا ننسى ان الأحذية لأغلبنا تكون ذات قياس اكبر لان الذي اشتراها يجعل في حساباته النمو السريع لقدمك وهذا الامر ممكن تلافيه ببعض الخرق تدس في الحذاء قبل لبسه وقد يكون سوء الطالع في بعض الأحيان ان يأتي الحذاء صغير مما يجعلك تعيش معاناة كبس رجلك في هذا القالب الضيق الذي يعيق حركتك في الأيام الأولى حتى تفعل الشمس والتمدد معجزة في جعل الحذاء ملائما, وقد يتمزق الحذاء مما يكسبك سمعة سيئة وهي ان رجلك عوجة وتمزق الأحذية.
عدم توافر الأمور الأساسية كالمأكل الدسم والملابس الجديدة تجعلك تعيش فترات سعادة بين فينة وأخرى عند توافرها فاليوم الذي يكون فيه الغداء دجاج يكون اشبه بأيام العيد وكذلك اليوم الذي تحظى به بملابس جديدة حتى وان كانت داخلية, ومن اللطيف ان بعض الشباب يتعمد اظهار ملابسة الداخلية لأنه لا يتحمل إخفاء تلك الملابس الناصعة البياض تحت قميص متهرئ او دشداشة بالية.
كنا نسمع حالات انتحار بأوقات متباعدة ويكون اكثر أصحابها قد تعرضوا الى ظروف قاسية جدا تتعلق اغلبها بأمور الكرامة او الحاجة الماسة
ليس ما ذكرته حنين الى الماضي القاسي ولكن إشارة الى ان زمن الالتذاذ بالأمور المادية البسيطة قد ولى فمن تجاوز الأربعين لا يفرحه كثيرا الملابس التي يلبسها, ومن هو في سن المراهقة والصبا توفرت له تلك المتطلبات بشكل افقده الإحساس بالسعادة عند توفر المزيد منها.
طبعا من النعم الكبيرة ان الاعم الاغلب من العوائل لا تفكر اليوم في المطعم والملبس ولكن عليها ان تفكر في إيجاد أمور أخرى تجعل من أبنائها يشعرون بالسعادة والتمسك بالحياة والابتعاد عن الشعور بالهزيمة والانتحار ولعل أولها واهمها الدعاء التضرع الى الله تعالى.
https://telegram.me/buratha